Masaha | مساحة

الحركة النسوية والأنظمة الاقتصادية

على الرغم من موجة الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الدول العربية، والتي يمكن القول أنها حققت...

The text of the episode

فرح: ونحنا رايحين بإتجاه بلبنان انه حتى البنك الدولي اليوم عم بيحذر من افلاس بالبلد والبلد متجه بشكل واضح وصريح وبكل اجريه وايديه ماشي بإتجاه سكة افلاس. وبذات الوقت بيترافق مع سياسات التفليس، تفليس بمعنى انه هيدي انتاج السياسات الاقتصادية اللي موجودة اللي هي منحازة تجاه اصحاب رؤوس الاموال البنوك، كبار التجار المضاربين العقاريين، المهربين، التجار الكبار

ديما: يعني اكتر من محاولات اللجنة الوطنية وغيرها من الجمعيات كمان بموضوع التدخل في التعديلات على قانون ضريبة الدخل، الضمان الاجتماعي، يعني جهود حثيثة، انا من المتابعين لمجموعة من النساء والرجال بمتابعتهم، اللي بيصير بداخل مجلس النواب وتواصلهم مع مجلس الامة، يعني جهود كبيرة، بس احيانًا يصابوا بالاحباط، بتكون مشروع المسودة جاهز وبيوصل زي ما بتسألي، لكن في قوى داخلية، جزء منها لعقليات ذكورية صعبة اللي هي الجيل التقليدي، وجزء منها لمصالح القطاع الخاص، مصالح الشركات، فوائد تجنيها هادي السياسات والقوانين لأشخاص معينين.
 

المذيعة: الفساد، والمحسوبية، والواسطة، وتفشي الفقر، وقمع حرية التعبير وكبت الحريات السياسية، وتقلص الطبقة الوسطى واختفائها التدريجي، هي جزء صغير من الأمور يلي رافقت - مع الأسف -  ما يسمى بالإصلاحات الإقتصادية في السنوات الأخيرة في العالم العربي. 

 

هالإصلاحات يلي اجت على شكل إنفتاح السوق والخصخصة وغيرها، ما منقدر ننكر انها أدت لنمو الإقتصاد، بس المشكلة انه زي ما كلنا منعرف، يلي إستفادو من هالإصلاحات همة قلة من النخب الإقتصادية والسياسية في بلدانا. 

 

رد الفعل لعدم المساواة اللي نتج بعد هالحادثة كان لا مفر منه وزي ما بنعرف تجسد في مجموعة من المظاهرات والثورات يلي لقبت بالربيع العربي. 

 ومع هيك، هالإعتراضات يلي زلزلت إستقرار كتير من الدول وأطاحت بأنظمة سياسية ما كان حد فينا عمره فكر انها ممكن تنهار أو تتزعزع ... ما عملت شي لتهز الأنظمة الإقتصادية يلي فاقمت من عدم  المساواة. 

وهيك بتكون أثبتت النيوليبرالية انها مرنة بالرغم من كل التوقعات والمحاولات لتغييرها،

 وهيك استمرت دول العالم العربي في تهميش المطالب المشروعة للتغيير السياسي والمساواة الاجتماعية من قبل كل فئات المجتمع.

 هالخطابات يلي عم نسمعها كل يوم عن الأزمات في المنطقة - النزاع المستمر في سوريا، الحرب في اليمن، أزمة اللاجئين والأزمات المالية والأزمات الاقتصادية وغيرها -  قللت الفرص بشكل أو بآخر، لمناقشة الأسباب الكامنة ورى المشكلات الخطيرة يلي عم منواجها. 

نحنا بحاجة لنفكر أبعد شوي من مفهوم الأزمة ومحتاجين بالأساس نلاقي وحلول لإلها بس لما تصير وبدون ما نطلع على مسبباتها. وهون بيجي دور النظريات النسوية. 

طيب، يمكن في ناس عم تسمعني هلأ تفكر انه شو دخل النسوية يعني، وكيف رح تساعدنا نحل الأزمات السياسية الشرسة يلي عم منشوفها اليوم؟

البعض بيعتبر النسوية، برنامج سياسي منحاز ما إلو بالسياسة العامة. بس النسوية من بدايتها، انوجدت لحتى تستجيب لعدم المساواة، ولساتها عم تبتدع وتكتشف وسائل وطرق جديدة لحتى تواجه عدم المساواة بمختلف اشكاله اليوم. 

والنسوية كمان فيها تعلمنا كتير وفيها كمان تساعدنا نوصل لحلول وأنظمة بديلة للي عم منعيشه اليوم.

رح نحكي اليوم عن دور النظريات النسوية المعاصرة في إيجاد الحلول والأنظمة البديلة للرأسمالية  والنيولبرالية. 

فرح قبيسي من لبنان وديما كرادشه من الأردن هن ضيفات هاي الحلقة من عم تسمعوا بودكاست مساحة - وهو بودكاست (أسبوعي) بنحاور فيه مجموعة من النساء من لبنان والأردن والجزائر وتونس ومصر وغيرها من البلدان العربية وبنخلقلهم المساحة لحتى يناقشوا مع بعض ومعنا... من منظور نسوي… الاستراتيجيات والحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية يللي عم بنواجهها اليوم.

ضيفاتي لهالحلقة، هن...

رح اتركهم يعرفو عن حالهم أكتر. 

ديما: انا اسمي ديما كرادشة، وانا عم بشتغل فيما يتعلق بموضوع النسوية والخطاب النسوي من خلال جمعيتنا، احنا جمعية صغيرة متخصصة في مراجعة الخطاب النسوي. طبعًا حلمنا كان على مستوى الوطن العربي لكن بداياتنا كانت في الأردن بمعنى تحليل للنظريات النسوية على مر التاريخ لغاية اليوم ومدى مقاربتها مع واقع الحراك النسوي في الاردن.

 

المذيعة: الجمعية يلي عم تحكي عنها ديما هي جمعية بناء الجسور، واللي هي رئيستها ضيفتنا، وكرادشة بالأساس معها ماجستير في دراسات المرأة ومختصة في قضايا النوع الاجتماعي والتحليل الجندري. 

 

فرح: اسمي فرح قبيسي، أنا ناشطة نسوية من لبنان، حاليًا بشتغل مع منظمة دولية ع قضايا الجندر ، العدالة الجندرية، وحقوق النساء بالمنطقة العربية. 

 

المذيعة:  فرح اشتغلت كصحفية وكباحثة مهتمة بالكتابة النسوية، وهي مهتمة بقضايا التقاطع ما بين العدالة الاجتماعية والعدالة الجندرية. ونشطت خلال ال 10 - 15 سنة الماضيات بمجموعات نسوية وبتيارات يسارية بلبنان.

 

لبنان زي ما بتعرفوا اقتصاده من قبل الحرب الاهلية بالسبعينيات وصولًا لما بعد الحرب الأهلية كان قائم على الرأسمالية. وبعد الحرب، زادت السياسات الرأسمالية وتم اعتماد الخصخصة بشكل واسع والدولة رفعت مسؤولياتها عن كتير من الخدمات الاساسية اللي مفروض توفرها للمواطنين والمواطنات - على صعيد الخدمات الصحية، والتعليم، والسكن، والمواصلات، وخدمات الكهرباء، وغيرها. 

 

سألنا فرح في البداية، مين هي أكتر الجهات تأثراً بشكل سلبي من ورى هيك سياسات.

 

فرح: اذا بدنا نحلل الموضوع جندريًا، النساء هن أكثر تأثرًا بشكل سلبي بهيدي السياسات. ليش؟ لكتير اسباب، منا انه النساء مثلًا هني بسوق العمل اقل نسبة من الرجال، دخلن أقل، في فرق بالاجور كتير كبير وبالتالي النساء بتتحمل بشكل سلبي أكتر تبعات هادي السياسات الاقتصادية الموجودة اللي منا عادلة بشكل اساسي.
 

يعني مؤخرًا طلع قرار بتخفيض ميزانيات لدعم الجامعة اللبنانية اللي هي الجامعة الوطنية العامة، اللي بيقصدها بشكل كتير كبير طلاب وطالبات من شرائح الوسطى والادنى، وخارج بيروت يعني بالارياف وبضواحي بيروت، ف بالتالي اللي عم يتأثر بشكل اساسي من هيدي السياسات وتبعاتها هني الشرائح اللي بتعتمد على ما تبقى من هيدي الخدمات

وبالتالي النساء اللي هني بينتموا للطبقة العاملة او الطبقة المتوسطة هني الاكثر تأثرًا 
 

المذيعة: سمعنا نفس الحكي من ديما يلي بالنسبة إلها، السياسات الرأسمالية يلي بتقوي من هيمنة القطاع الخاص  على السوق حسب رأي ديما ، بتخلي المرأة عُرضة للاستغلال وللتمييز أكتر، والسبب هو انها لحد اليوم لساتها مش قادرة على أن تكون عنصر قوي يمتلك رأس المال، يمتلك الخبرة، يمتلك العلاقات، وبالتالي هذا كله  بخلي دورها بهذا السوق أضعف. 

 

ديما: عدم تدخل الدولة او ضعف تدخلها في العديد من هادي البرامج هدا فيو خطورة كبيرة، ويمكن هدا النهج كمان بالتالي رح ينعكس على قضايا المساواة وقضايا النساء تحديدًا، لأنه هما للأسف في كل القضايا السياسية اجتماعية ثقافية هما الحلقة الاكثر تضررًا. 

 

المذيعة: فإذاً، الشرائح يلي عم تدفع ثمن السياسات الإقتصادية يلي عم تضعف من مسؤولية الدولة وبتعطي المجال للقطاع الخاص إنو يستغلها... هي الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة زي ما كلنا منعرف، والمرأة بهاي الطبقات هي الأكثر هشاشة. 

هلق اجت عنا المظاهرات يلي بدت عام 2010 كردة فعل لعدم المساواة ومنعرف منيح شو صار في دول زي سوريا وتونس ومصر، بس شو صار في لبنان؟ على شو كان التركيز في هاي المظاهرات؟ سألنا فرح. 

 

فرح: يعني هيدي السنوات شكلت فعلًا نقلة بكمية الاحتجاجات الاجتماعية بلبنان والاقتصادية المباشرة، بالاضطرابات العملية، بتحركات المعلمين، باعتصامات واضطراب المياوين بشركة الكهربا، عمال مصانع بعكار، عمال شركة سبنس اللي كانوا عم يحتجوا ع موضوع غياب الضمان الاجتماعي إلن وعم بيطالبوا بحقهن بالتنظيم النقابي

مئات التحركات صارت خلال هيدي السنوات، العمالية بشكل اساسي.

 

المذيعة: النظام الطائفي بلبنان، من خلال سياساته الإقتصادية والإجتماعية ما بعد الحرب الأهلية، سيطر بشكل كبير على النقابات الرسمية في البلد، وكتير من هادي النقابات والاتحادات الرسمية الموجودة هي صفراء، وصفراء هو تعبير بيعني انه هي تابعة سياسيًا وولائها لأحزاب بشكل اساسي. يعني هي مش معارضة ولا بتعبر عن طموحات وآمال وواقع ومطالب العمال والعاملات.

 

وبسنوات ال ٢٠١٢ و ٢٠١٣ و ٢٠١٤ طلعت عدد كبير من التحركات العمالية اللي خارج إطار النقابات الصفراء، حتى تعبر عن واقع اقتصادي كتير صعب عم بيمرق فيه العمال والعاملات. 

 

بال ٢٠١٥ كمان، وحدة من اكبر الاحتجاجات اللي شهدها لبنان كانت ضد ازمة النفايات. طبعًا، زي ما حكتلنا فرح، ازمة النفايات وقتها كان القمة الجليدية يلي تحتها في سنوات من القهر الاجتماعي والتمييز الاقتصادي. وقت نزلت الناس تعبر عن رفضها لكيف الدولة عم تتعامل، كيف طمّت الناس حرفيًا بالزبالة، كانت عم بتعبر وبتحمل مطالب خاصة بنظام ضريبة غير عادل، خاصة بغياب خطة سكنية. 

 

فرح: كله برايفت، كله خصخصة، كله متجه ومنحاز للبنوك والشركات العقارية والسماسرة بشكل كتير كبير، ما دون غياب اي خطة اسكانية فعلية منحازة لأصحاب الدخل المحدود. 

العنوان هو، الزبالة، كان مطالب هو اكبر من هيك. طبعًا، قدرت السلطة الطوائفية الموجودة بالبلد انا تحجم هيدا الحراك بشكل كبير، سواء عبر العنف، استعمال عنف الشرطة المباشر، المحاكمات العسكرية للمدنيين، التهديد بنزول ميليشيات ع الشارع، أو عبر امتصاص او ابتلاع هيدا الخطاب واعادة طرحه للناس بس بأسلوب سلطوي، انه امتصاص الغضب تبع الشارع
 

المذيعة: هل أي من هاي الإحتجاجات أفضت بنتيجة إيجابية؟

 

للأسف، لأ، وحتى كانت ردة الفعل في بعض المطارح، هي زيادة التمعن بالسياسات اللي كانت الناس عم تشتكي منها زيادة الفساد ولحد اليوم، و اذا بدنا نحكي بس عن ازمة النفايات، من ال ٢٠١٥ لليوم نحنا بال ٢٠١٩، هاي المشكلة لسا عم تتفاقم. 

 

فرح: ونحنا رايحين بإتجاه بلبنان انه حتى البنك الدولي اليوم عم بيحذر من افلاس بالبلد والبلد متجه بشكل واضح وصريح وبكل اجريه وايديه ماشي بإتجاه سكة افلاس. وبذات الوقت بيترافق مع سياسات التفليس، تفليس بمعنى انه هيدي انتاج السياسات الاقتصادية اللي موجودة اللي هي منحازة تجاه اصحاب رؤوس الاموال البنوك، كبار التجار المضاربين العقاريين، المهربين، التجار الكبار، هيدي هي السياسات الاقتصادية الموجودة، هي اللي افلست هيدا البلد

 

المذيعة: بذات الوقت، مش بس لبنان، المنطقة اليوم كلها اليوم غرقانة بقمع كتير، عنف دموي بسوريا، عنف بوليسي أمني عسكري بمصر، عنف وتطرف ديني، عنف اقتصادي... وبنشوف انه الناس بعدها عم بتحاول.

منشوف الحراك الشعبي في السودان، منشوف إضراب المعلمين في الأردن، منشوف مظاهرات ضد الفساد في العراق ومظاهرات عم تتجدد في مصر. هاي الأمور رغم كل شي، عم منشوفها بتتكرر كل يوم، لأنو السياسات نفسها عم تتبعها الدول، ما تعلمنا من يلي صار في العقد الأخير من تاريخنا وعم منعيد نفس الأخطاء ومصرين إنو نتبع نفس النهج في التعامل مع المشاكل.

طيب وين بتدخل المساواة بين الجنسين والعدالة الجندرية هون؟ 
 

فرح: انا بعتبر انه ما في سياسات عادلة اقتصادية واجتماعية ممكن تكون من دون ما تكون ضمنا بشكل اساسي العدالة الجندرية داخلة فيه، بس للأسف بلبنان السياسات أو اشباه السياسات الموجودة الاقتصادية والاجتماعية هي ما بتنظر ، يعني هي عمياء تجاه الجندر، وعمياء تجاه النوع الاجتماعي.

 

ووقت تقر الحكومة سياسة ما مثلًا، سياسة ضريبية معينة او قطع الحد من ميزانية، تقشف بقطاعات معينة، ما بتدرس انه كيف تأثيراتها على النساء وعلى الرجال، كيف ممكن تفيد النساء او تضرهم، او إلى ما هنالك. ف بتلاقي انه السياسات بأغلبها هي عمياء تجاه النوع الاجتماعي بشكل اساسي.

 

المذيعة: من وجهة نظر فرح وكتير من الناس كمان، ما في مجال للنساء انه يكون عندهم كافة حقوقهن في ظل هيك أنظمة سياسة وطائفية. فحتى لو انحط وزارة للمرأة، ووزارة لحقوق الانسان، أثرها داخل النظام الطائفي والنظام يلي ببدي الربحية على العدالة الإجتماعية،  محدود جدًا.

 

فرح: ف عشان هيك مهم كتير إلنا كنسويات، كناس بيآمنوا بالتغيير وبدن يشوفوا مجتمع بديل انه يكون طرحهن باتجاه تغيير جذري بشكل هيدا النظام وتغيير بنيته الطائفية بشكل اساسي باتجاه بلد نظام علماني، فيه عدالة اجتماعية، فيه حقوق للنساء بشكل اساسي، وحقوق للناس المهمشين والطبقة العاملة والعمال واللاجئين وكل الفئات اللي هي فعلًا مهمشة من قبل هيدا النظام الحاكم.
 

المذيعة: بدي أروح ليلي حكته ديما عن الحراك في الأردن، وخصوصاً الحراك النسوي خلال نفس الفترة. ديما حكت إنو العقد الأخير مع كل المظاهرات يلي شفناها، كان فرصة دهبية للدفع بحقوق المرأة ومطالبها لقدام، وشفنا كتير من هيك مطالبات وحراكات قادتها نسويات من مصر للسودان وتونس وسوريا. بس شو صار في الأردن؟
 

ديما: أنا برأيي كانت فرصة ذهبية للنساء، لكن ما تم استغلالها بالطريقة الصح. وجزء منها زي ما حكيت تركيبة ذكورية باطرياركية بالاجهزة التنفيذية والتشريعية، جزء منها بشيطنة الحراك، وجزء منها من نفسنا احنا كجمعيات تعمل في حقوق المرأة.

 

المذيعة: رح أوقف هون عند نقطة مهمة حكت عنها ديما وهي عن علاقة الحركات النسوية في الأردن وغيرها من البلدان، مع الرأسمالية. 

 

ديما:  احنا اليوم يمكن بدنا نحكي فيها بموضوع الخطاب وموضوع المساواة، شوي بعدنا عن مضمونها وصرنا نحكي بالمساواة التي تتلاءم والنظام الاقتصادي اللي احنا عايشين فيه، اللي هو هدا جوهر اشكالية النيو ليبرالية اللي صار في بينها، احنا بنسميه مرات تحالف مع بعض الحركات النسوية.
 

يعني بدي اسوقلك مثال، احنا هلق في عنا نهج موضوع المشاريع الصغيرة والتمكين وحققي ذاتك والريادة، انا بعتذر على ... مع انه هذا تريند عام اليوم بالاردن. انا بوجهة نظري، هادي المشاريع الصغيرة والقروض الصغيرة هاي اول اشي بتعزز الفردانية وبتخليكي تسعي للربح الذاتي، ما عاد يهمني غيري شو بيعمل. بنفس الوقت هو وسيلة لتتراجع الحكومة عن دورها في الحد من الفقر.

 

وبالإضافة لهيك، عم بتلاقي كتير من الجمعيات يلي بتشتغل في المجال النسوي مشكلة في التوفيق ما بين انها تضمن دخل لإلها، وتواصل العمل في المجالات الأساسية يلي بتهمها. 

 

يعني انا مرات بعمل مراجعة مع الذات، انه انا عمل بشتغل مشاريع وطبعًا هاي المشاريع في إلها دخل لأنه انا كمان عالصعيد الشخصي  محتاجة لدخل، مهو كله بيصب بالوضع الاقتصادي. اليوم البنية الاقتصادية هي اللي بتشكل المفاهيم، وهي اللي بتطور العلاقات. انا اليوم في بحثي عن مصدر الدخل، انا شخصي، ما بدي أتهم ولا حدا، بوقف هيك وقفة، بتكون بعض السيدات تتصل في قضية عنف، في قضية مساعدة، وبيكو في عندي ديدلاين لازم اخلص التقرير لأنه التقرير في عليه دخل

بوقف بلحظة صراع، وهدا اللي صار، زي ما بيصير معي ع صعيدي الشخصي عم بيصير مع المؤسسات اللي بتطالب بالمساواة والناشطة في مجال المرأة. صار عندها هاجس كسب المشروع والفوز فيه وتنفيذه والمؤشرات وعدد المستفيدين وبعدنا عن فكرة التضامن الاجتماعي اللي اشوف غيري.

حتى لما بتجيني مرأة معنفة بتشتكي، ما عدت كتير معنية بالحل، الحل على مستوى مجتمع، باخدها بحللها مشكلتها بس أنا بكسب رقم. بمشاريع التمكين الاقتصادي كم عدد النساء اللي بعطيهم قروض؟ انا بكون كتير سعيدة اذا بكون بخلّص كل التارجيت المطلوب مني من المشروع؟
 

المذيعة: وهدا كله بيعود للسياسات الاقتصادية الرأسمالية والليبرالية الحديثة في تعزيز الفردانية. الأساس بالحركة النسوية تاريخيًا هي حركة سياسية، لكن اليوم، لعدة ظروف عالمية واقتصادية واجتماعية وتحولات بميزان القوى، بدا هاد الحراك السياسي يفقد مضمونه. 

 

ديما: كنت استغرب انه البعض من الزميلات والنساء انه ضريبة الدخل بعيد عنا، لأ مش بعيد عنا. انا مش بس تخصصي احكي بأحوال شخصية، أحكي بمساواتي في العمل كفردي، شفتي كيف الخطاب؟ الخطاب فردي. ما عاد فيه عنا شأن عام، تحولنا كلنا احنا ناشطات في الشأن الخاص. يعني بمعنى بشتغل بقضايا مرأة بس بما يتعلق بالشأن الخاص، العنف على مستوى الخاص، المشاريع على المستوى الخاص، المطالب، القضايا

 

المذيعة: فرح بتحس انه بالسنوات الاخيرة، الحركات النسوية الموجودة بالمنطقة صارت أكتر وعيًا على موضوع التمويل واشكالياته. وصارت ما عم تقبل بتمويل بس متل ما هو، عم بتحاول تضغط على الممولين بإنه يعيدوا النظر بسياساتهم التمويلية. يعني هاد الشي ما بنطبق على كل الحركات النصوت يمكن، بس على القليلة النقاش عم يصير.

 

فرح: دايمًا لازم نكون واعيين لفكرة انه التمويل أوقات ممكن انه يكون معه شروط، او انه يحدد اجندة الحركة النسوية، وبالتالي لازم يكون عنا هيدا الوعي النقدي للتمويل ونكون قادرين انه نتكتل بالمنطقة على الممولين وسياساتهن، يعني مش الممول هو اللي بيحدد الاجندة بس هو بيشوف حاجات النساء بشكل اساسي، اجندة النساء المحلية اللي عم بتناضل بالمنطقة، ويلبي ويكون التمويل ملبي لهيدي الحاجات بشكل اساسي.

وبحس انه في محاولات كتير كبيرة بالمنطقة على هيدا الشي، ومش بس بالمنطقة، يعني بكل الجنوب، جنوب الكوكب، بالسنوات الاخيرة حتى صار فيه مصادر تمويل نسوية ، عالم ثالثية جنوبية منحازة لمفاهيم ومبادئ نسوية معينة ضد العنصرية، ضد الكولونيالية وتقاطعية بشكل كتير كبير. ف فيه كتير هيدا النقاش ف منو اسود وابيض، بس هو بحاجة تكون دائمًا عنا هيدا الوعي النقدي تجاه التمويل.

 

المذيعة: الحركات والحملات والجهات العاملة في مجال النصوت، على قد ما كانت قوية وسطها عالي وقضيتها مهمة، ما بتقدر تقوم بعملها وتحقق التغيير لحالها. سألت فرح وديما مين هي الجهات يلي مسؤولة برضو عن التغيير. 
 

فرح: نحنا بحاجة بلبنان، لتيارات منظمة بشكل كببير وقادرة تعبر عن مطالب الناس الكتيرة ومتفاقمة ومترابطة وعمرا سنوات، بحاجة لنقابات فاعلة، بحاجة لاحزاب سياسية فاعلة، بحاجة لحركة نسوية قادرة انه تحمل مطالب النساء بشكل اساسي وتصارع عليا سياسيًا بالبلد، وانه ما نترك المجال فاضي قدام الاحزاب السلطة الموجودة انه هي تملا هيدا الفراغ

سواء عبر تقديما لخدمات اجتماعية متل ما بتعمل لتسكيت الناس، او انه تبتلع الخطاب الاصلاحي، وتعيد رسكلته، وتمتصه بهيدا المطرح. 
 

المذيعة: فرح كمان ذكرت الحاجة لمساحات بتقدر الناس تجتمع فيها لتحكي وتتناقش وتتظم بداخلها. وحدة من اليات التحكم اللي تم اعتمادها من التسعينات لغاية اليوم في لبنان، هي تدمير كل المساحات العامة، سواء عن طريق خصخصتها او تطييفها. يعني من النقابات والاتحادات العمالية للجامعة للوطنية للاحزاب والاندية، كل المساحات اللي الناس كانت تلتقى فيا وتتفاعل فيا وتنظم من خلالها حركات اجتماعية ومطالبها، تم تطييفها او خصخصتها.

 

ديما حكتلنا أكتر عن الحاجة للتضامن بين النساء والحركات النسوية في الأردن.

 

ديما: موضوع التضامن على المستوى العام ضعيف. يعني هلق اذا بنرصد بعض الاحتجاجات اللي بتنظمها جمعيات ومنظمات نسوية أو نسائية حتى، ما بتتجاوز ال 20 وحدة بتوقف. ودائمًا كنت هذا سؤال عندي، مثلا كنت اشوف بدول عربية أخرى كله بينزل، حتى نساء القرى بينزلوا. 
 

طيب بالاردن هذا الحراك مش مأسس وضعيف على المستوى العام، فما بالك على مستوى النساء؟ ما بتوقع نقدر نحشد أكتر من 100 امراة ع مستوى الاردن. وهذا يعتبر هش ودائمًا بيصير شيطنته، في اكتر من مرة صاروا يقولوا هدول، طيب بس من شكلها ومن منظرها ومن خلفيتها،.." بيصيروا يتحاكموا انه هدول لا يمثلونا، وبتفقد المصداقية كل هادي الجهود.
 

المذيعة: مع إنو الحراك النسوي الشعبي في الأردن ضعيف، ديما حكتلنا انها لساتها متأملة في جيل جديد من الشباب والشابات الأوعى. 

 

عم تحكي عن عمر العشرينات يلي عم تلتقي فيهم بورشات عمل من مختلف محافظات ألمملكة وعم بتشوف في تحول لطبيعة علاقتهم مع نفسهم ومع المرأة، مش بفهوم المطالب، لسا، بس مفهوم العلاقات الأسرية. 

 

ديما: وانا بيستحرضني دائمًا مثال انه كان فيه شاب من الجنوب، ومتزوج حديثًا ف صار يحكي انا اتقصدت لما زوجتي بتغسل انا أطلع أنشر الغسيل، "اتقصدت".

وع فكرة انا بتفائل ولو بواحد، هادا قادر انه ينشر الوعي الحقيقي! ولا 200 شاب بيحضروا ورشة وبيحكوا بحقوق مرأة لكن داخل المنزل وبعلاقاتهم الموضوع مختلف.
 

المذيعة: أما على مستوى السياسات أحقية، فالموضوع مختلف. من وجهة نظر ديما، الإرادة السياسية موجودة بس عم بكون الطتبيق على أرض الواقع شوي أصعب. وأعطتنا مثال عن ورشة لإطلاق بسياسة الحماية الإجتماعية مؤخراً يلي كان عندها بعض التحفظات عليه لأنو من الناحية الاستراتيجية والسياسية كان سليم بس كان في فجوة ما بين الإستراتيجية نفسها وعملية تطبيقها.

 

وحكتلنا كمان عن صراع المصالح يلي عم بتشوفه اليوم فيما يتعلق بقضايا المرأة. 

 

ديما: يعني اكتر من محاولات اللجنة الوطنية وغيرها من الجمعيات كمان بموضوع التدخل في التعديلات على قانون ضريبة الدخل، الضمان الاجتماعي، يعني جهود حثيثة، انا من المتابعين لمجموعة من النساء والرجال بمتابعتهم، اللي بيصير بداخل مجلس النواب وتواصلهم مع مجلس الامة، يعني جهود كبيرة، بس احيانًا يصابوا بالاحباط، بتكون مشروع المسودة جاهز وبيوصل زي ما بتسألي، لكن في قوى داخلية، جزء منها لعقليات ذكورية صعبة اللي هي الجيل التقليدي، وجزء منها لمصالح القطاع الخاص، مصالح الشركات، فوائد تجنيها هادي السياسات والقوانين لأشخاص معينين.

 

المذيعة: وأخيراً سألت فرح وديما إذا بقدر يحكولي عن تجارب في البلدان العربية التانية، ممكن الأردن ولبنا يستفيدوا منها. رح أبلش بديما يلي كان تركيزها على مبدأ التضامن بين الحركات النسوية، هدا الشي يلي للأسف ما بتشوفه بالقدر الكافي في الأردن. 

 

ديما: اول ما بدينا نتطلع ع تجربة تونس في ما قبل الربيع العربي منظومة الاحوال الشخصية، وهي اساسية، هي العصب. وحتى بالحراك النسوي بتلاحظي انه في حشد كبير، وان كانوا من تيارات مختلفة. يعني انا مش لازم أنزل انا وسوسن على الشارع لانه بنشبه بعض، سوسن من تيار وانا من تيار. بس فيه قضية واحدة بتجمعهم، يعني انا لو بدي احكي ع موضوع الاحوال الشخصية، حتى بقانون العقوبات 308 كان في انشقاق. طبعًا ع مستوى قواعد شعبية لأ، الامور لسة مفتتة، الجهود مفتتة لعدة اسباب: فش عنا خطاب موحد ودائمًا لما بقول موحد واحنا هدا كان بالورش اللي بنعملها حول موضوع الخطاب النسوي العربي وعلى مستوى الاردن.

موحد لا يعني بلون واحد، بس يكون في توافق على حد أدنى من القضايا، مش لازم نشبه بعض، في كتير تيارات مختلفة، بس في تناغم خلينا نحكي بهاذا الخطاب النسوي، ما زلنا لسة بدنا شغل كتير. 

 

فرح: فينا نتعلم كتير يمكن من النساء بالسودان وتجربتهم، سواء وجودهن داخل الاضراب او داخل التحركات الشعبية بعد ما انكتب عنا بس لازم انه نعرف عنا اكتر، لانه بظن هيدا مصدر إلهام كتير كبير موجود. طبعًا المدافعات عن حقوق الانسان بالعالم العربي من الخليج للمحيط كمان، سواء بالسعودية او سواء بمصر او سواء بسوريا كما لازم مش بس انه نتعلم من تجاربهن بس كمان لازم نتضامن مع نضالن اللي عم بيصير ضمن أصعب الفترات وأصعب الاوضاع.
 

المذيعة: كيف ممكن النظريات النسوية تبلش تستبدل الأنظمة الرأسمالية والنيولبرالية في منطقتنا؟ هاد سؤال صعب يتجاوب عليه بحلقة وحدة... بس أحد النقاط الأساسية يلي أخدتها من حديثي مع ديما وفرح هي إنو بس لما نبلش نتطلع على الآثار الحقيقة لهاي الأنظمة على مجتمعاتنا وبس لما تعترف بالمعاناة والأعباء يلي بتحملها ضحايا هاي الأنظمة، وبس لما نلتفت لتجارب المرأة الفقيرة، المرأة الريفية، المرأة في الطبقات الوسطى،بس وقتها، ممكن نبلش نلاقي الإجابات. 

 

واضح إنو النقاش بلش عنا من زمان، بس بالرغم من كل الجهود، ما عم منشوف التغيير اللازم.

 

الحل؟ الحل إنو مثل ما حكو ضيفاتي... ما نستسلم. 
 

هالحلقة من إعداد حنين الشاعر، مونتاج تيسير قباني، تحرير صابرين طه وتقديمي أنا ميس العلمي. شارك في إنتاج الحلقة كل من فرات حطّاب، ومي عبّاس

Listen to the program on podcast apps