Almostajad | المُستجَد

الفيروس قريب وبلدي بعيدة

في هذه الحلقة من بودكاست «المُستجَد» نستمع الى أربعِ قصص لأشخاص كانوا في رحلة خارج بلدهم عندما تفشى...

نص الحلقة

بعضهم كانت عودتهم قريبة، وبعضهم كانوا لسا طالعين يبلشوا تجربة جديدة. أُغلقت المطارات. توقّفت حركة الطيران، ولاقوا أنفسهم وحيدين في بلد غربية بعيدين عن الأهل والأصحاب لمدة مش عارفين ايمتا رح تنتهي.

"يعني already الإم بتحس بالذنب الأكبر بأي إشي بتعمله، فما بالك لما يعني تنحط بهيك موقف؟"

 

"الكل رجع يعني و قدر يسافر علي بلاده الا انا"

 

"ما كنت عارفه استقر كيف، قديش اجلس هنا طيب"

 

"انت عالق هنا و مش عارف ايش تدير يعني"

صلاح من ليبيا، منى من الأردن، زيد من فلسطين، وسندس من السعودية، أربع شبّان وشابات عم بستنوا الفرصة للعودة إلى بيوتهم وأوطانهم في ظلّ الأزمة العالمية الحالية.

مرحبا، أنا عبير قبطي، وهاي حلقة جديدة من بودكاست "المستجدّ" من صوت.

  

شهر آذار/ مارس كان بداية فرصة عمل جديدة لمنى الخطيب خارج الأردن. 

 

في أواخر شباط فبراير انتقلت لقطر، وسبقت باقي أفراد عائلتها للعمل على إجراءات الإقامة:

كان التخطيط إنه أنا راح آجي هون عبين ما تطلعلي الإقامة القطرية، بطلع لأولادي إقاماتهم لإنه مش دغري يعني بيطلعوا سوا لازم أطلع أنا أول إشي إقامة إلي بعدين بطلعلهم إقاماتهم، ضلوا في الأردن على أساس يلحقوا خلال أسبوعين او تلات أسابيع بالكتير، لكن صار اللي صار وتقطعت بنا السبل، ولادي ضلوا في بيتنا بعمان(...)عند باباهم.

منى أم لطفلين، الأول: تميم، وعمره خمس سنوات، والتانية: بتول، وعمرها تلات سنوات. بُعدها عنهم لهاي المدة اللي مش معروف متى حتنتهي، ما كان في الحسبان، وتسارع الأحداث والإغلاقات ما أعطاها مجال تفكّر كتير وتقرر ما بين الوظيفة اللي بدأت فيها مع بداية آذار/ مارس، وبين أسرتها في الأردن:

اللي صار إنه يعني لما حكوا إنه خلينا.. إنه الحدود حتتسكر وخلص الطيران حيوقف،(...) احكي مع إمي تحكيلي لا ما ترجعي ليش ترجعي، مش حتدخلي عالبلد عطول فجيتك وقلتها واحد. احكي ما أكرم يحكيلي لا ما ترجعي خلص كلنا مناح والولاد ببيتهم ما في إشي. قلت خلص ما رح نرجع ما رج نرجع، بس بعدين بصراحة ندمت إني ما حجزت بهاليومين الي أعطونات ياهم…

 

يعني already الإم دايماً حاسة بالذنب الأكبر على أي إشي بتعمله، فما بالك لما تنحط بهيك موقف؟

منى بعيدة عن عائلتها من أكتر من شهر. وقبل أيام صادف عيد ميلاد إبنها تميم، اللي احتفلت فيه على شاشة الموبايل..

 

انا بعرف انه حتلفتِ مبارح بعيد ابنك تميم صح؟

هاها اه كان عيد ميلاد مميز

كيف؟

احكيلنا كيف احتفلتِ بعيده؟ 

واللهي (...) أكرم زوجي عمله كيكة بالبيت، وشبكنا كلنا على الديو أنا ودار سيده يعني دار أهله لأكرم، ودار أهلي والتيتات من الناحيتين. وأنا وهم كانوا على المباشر واحتفلنا سوا وغنيناله وطفوا شمعة وشفناهم وهم بياكلوا الكيك.

 

البعد عن عائلتها وأولادها خلى منى تعيد التفكير بقرارها للانتقال للعمل خارج بلدها.

للأسف الواحد ما بيملك إنه، من غيره أهله وصحابه والجو هاد ما حدا بقدر يعيش يعني (...) فيعني خطتي أرجع، بس زي كل إشي بهاي الفترة فش إشي أكيد، بس الخطة إني أرجع إن شاء الله.

في حالة منى يمكن يكون العزاء إنها موجودة في بلد عربي قريب من وطنها إلى حدّ ما، ولما ترجع حركة الطيران احتمال عودتها ممكن يكون اسهل واسرع.

بس كيف لو العالق بعيد عن وطنه مسافة ١٤ ساعة سفر؟

زيد الشعبي من فلسطين، اتّجه لجنوب أفريقيا في بداية آذار/ مارس وكان من المفروض تنتهي رحلته مع نهاية شهر نيسان/ أبريل، لكنها أخدت مسار غير متوقّع:

شو وداك على جنوب افريقيا؟!

 

اللي صار معي انه جيت علي programme علي برنامج لشهرين في جامعة فيتس هون في جوهانسربج…

 

جيت انا و لسه مكنش في اي اشي يعني اجراءات ماخدينا هون بجنوب افريقيا، ولا حتي مانعين الطيران في العالم…

 

بلشت جنوب افريقيا تزيد فيها الحالات فأرتفعت بشكل كبير، و بعدين اكتشفوا انه في حالة في الجامعة اللي انا فيها، فقررت الجامعة يعني تسكر، و البرنامج يعني تم خلص إغلاقه…

 

سكّر الطيران و المطار في الأردن فأنا هون مقدرتش أرجع علي فلسطين لأني لازم اروح عن طريق الأردن…

 

فضليت انا الوحيد اليوم بين الطلاب اللي كانوا 22 طالب و طالبة، اممم انا الوحيد يعني الي لحد الان مش عارف امتي رجعتي

الإصابات المؤكدة في جنوب أفريقيا لوقت تسجيل الحلقة تجاوزت الـ 1700، والسلطات بدأت تاخد إجراءاتها الاحترازية بصورة تصاعدية زي كل البلاد، وزيد عم يكون جزء من هاي الإجراءات والتدابير زيّه زي أهل البلد:

يعني حاليا الأمور شوي يعني فيها مخاطرة خلينا نقول بجوهانسبرج، لأنه انقطعت كل المواد اللي هي التعقيمية تقريبا، ما بتلاقيها لا في الصيدليات و لا في السوبر ماركيتات و لا المحلات، فعم باخد احتياطاتي بأني أولا عم بقضي اغلب وقت في غرفتي و في مكان سكني لما بدي أطلع بحاول اني يعني بقدر الإمكان ما اروح علي أي أماكن مكتظة…

 

عم بحاول انه اهلي بقدر الإمكان انه كل يوم احكي معاهم عشان يتطمئنوا، طبعا هما متوترين لانه انا في بلد يعني حاليا لحالي، امم عم بحاول اتعرف علي اشخاص فلسطينية أو كمان اشخاص داعمين للقضية الفلسطينية نشطاء اللي هما عم انه كمان يتواصلوا معاي يسئلوا عني اذا اشي ناقصني...

يمكن زيد مش محظوظ كتير، كونه عالق في بلد بعيد؛ إمكانية العودة منه إلى فلسطين تبدو صعبة جداً في المرحلة الحالية، بينما الوضع قد يكون مبشّر بالنسبة لسندس الصدّيق، الطالبة السعودية العالقة في فرنسا:

اخر شئ قالوا لنا ممكن نرجع في خلال كام يوم، بس لسه ما في معلومات عن الرحلة و لا شي، فا داحين حاولت استقر هنا اللي هو أجلس هنا، و وجاهزة لو أرجع.  

سندس بدأت دراستها في باريس مع بدايات عام 2020 الحالي، يُفترض إنه برنامجها يستمر لسنة وشهرين. بأواخر شهر آذار/ مارس، كان موعد إجازتها، وكانت حاجزة تذكرة لزيارة أهلها في جدّة، لكن تفاقم الأوضاع وإيقاف حركة التعليم في فرنسا والإغلاقات غيّرت كل الخطة:

كان يعني ممكن مثلا اجي الأردن بعدين ارجع السعودية فيحجزوني في الأردن حجر صحي، فاا بعدين ما لقيت طيارة.

بعدين فرنسا سوت Lockdown ، بس قبل ما فرنسا تعمل lockdown السعودية قفلت المطار حقها....

 

كده في يومين صار..

 

شو حسيتي؟!

ممم ما اعرف ما كنت عارفه استقر كيف، قديش اجلس هنا طيب، دراستي المفروض تبدأ بعد شهر، هتبدأ بعد شهر و لا هتمدد الlockdown!

طب يعني ايش.. رمضان بعد شهر هسوي يعني اجازة هتطول زيادة شهرين و لا خلاص هيبدأ دوامات .. طب استقر طب اروح اشتري اشياء من السوبر ماركت و لا لأ، زي كده ما انا عارفه ايش اسوي!!...

 

بالاخر طبقت شنطة السفر لو في اي دقيقة قالوا لنا نسافر انا جاهزة

تقريباً بالفترة نفسها، كان صلاح البطي من ليبيا على وشك ينهي فصله الدراسي في مالطا، القريبة جداً على ليبيا، قبل ما تنقطع الرحلات بينها وبين العاصمة طرابلس. خيارات العودة كانت محصورة إما بالسفر لتونس وبعدها عبور الحدود البرية مع ليبيا، أو حجز تذكرة لإسطنبول والعودة جوّاً إلى طرابلس:

دخلت المطار السبت بليل يعني الساعه 7، خبرتي الخطوط التركية ان الرحلة اللي حاليا مفتوحة الان قدامي: هذه اخر رحلة لتركيا، و اخر رحلة اصلا من مالطا، يعني مالطا بعد ثلاث ساعات lockdown  هتسكر نهائيا المطار  (...) عندي كان نص ساعة بس يعني، كنت نجري للمنزل بتاعي جبت الاغراض بالكامل بتاعي، يعني كنت اخر واحد سجلت في الرحلة و خلاص صارت الرحلة وصلنا علي اسطنبول بعد ما سكرت مالطا نهائيا.

صلاح كان بيعرف إنّه حتى احتمالية العودة جواً من إسطنبول إلى طرابلس كانت ضئيلة جداً، ولكن الآمال كانت معلّقة على جهود السفارة الليبية في تركيا:

قالوا ان ممكن السفارة و الحكومة توفر خطوط يعني خاصة لنقل الليبيين…

 

السفارة الليبية في اسطنبول موفرة أعمال الإقامة و كذا الكاملة لليبيين العالقين في اسطنبول، و لكن ما زال مش واضح انه هل كيف بيعالجوا قضية الناس اللي عالقين زيي بره يعني، هل الموضوع انه في خطة يوم يومين شهر شهرين، مش معروف يعني مش واضح الهذا.

لوقت تسجيل المقابلة، كان في ليبيا إصابة مؤكدة واحدة فقط بكورونا، الرقم كان مطمئن بالنسبة لصلاح، ولكن المستقبل القريب كان بيثير عنده بعض القلق:

الفكرة ان في ليبيا مفيش حالات لفيروس كورونا بسبب الاوضاع اللي دايرة بليبيا فمعندناش رحلات دولية كتير و كذا بشكل يعني، احنا ما عندنا سياح الفترة هذيك…

 

لو مثلا يعني انتشر لا قدر الله الفيروس في ليبيا، فهنكون و الله قالق عليهم يعني بشكل كبير(...) صعب الوضع يعني.

حتي يعني الرعاية الصحية بليبيا مهيش يعني بالمستوى اللي يمكن تواجه بيه الوباء لو انتشر لا قدر الله...

منى وصلاح وسندس وزيد ما زالوا عالقين مكانهم، ولكن أذهانهم متعلّقة بتفاصيل معيّنة عم بستنوا الرجعة لإلها:

عبير: شو أكتر شي اشتاقتيلو في السعودية، في جدة؟!

سندس: اممم اكتر شي اشتاقتيلو في جده! الأكل. هاهاها

عبير: هاهاها أكل أمك أكيد.

سُندس: ايوه.

 

"يعني اكتر شئ حاليا مشتاق اني اشوف امي و اشوف العيلة يعني...

 

"يمكن أكثر اشي اشتقتلو مقلوبة امي بعد الارجيلة"..

 

منى: بشتاقلهم لما يكونوا بعد ما يتحمموا زي البسس ييجوا يحضنوا وماما وهيك... 

 

بشتاق لأكرم لزوجي كتير بشتاقله.

 

بالأيام الماضية ارتفعت أعداد الإصابات في السعودية وفلسطين وليبيا والأردن، وما في أفق بإنه الموضوع رح ينتهي قريبا.. 

 

التباعد الاجتماعي صار مسؤولية صعبة في حياتنا اليومية... للعالقين في الخارج، التباعد الاجتماعي بيعني عزلة  فوق العزلة. 

 

بودكاست المستجدّ من إنتاج صوت.

 

كنا معكم في الإعداد والتقديم: عبير قبطي، في الكتابة: محمود الخواجا، في التحرير: لما رباح، في البحث كنزي محمود وروان نخلة وفي المونتاج تيسير قباني.

 

كونوا بخير وعافية