موسيقى المهرچانات

موسيقى المهرچانات

بالحلقة الثالثة من الموسم الثاني لبودكاست "دُمْ تَكْ" رح نحكي عن موسيقى المهرجانات، اللي بدأت في...

نص الحلقة

خلينا نرجع لسنة 2004، بمصر، لسه أغنية عمرو دياب: "ليلي نهاري" جديدة، وفول الصين العظيم وتيتو بعدهن بالسينما.

"أصل انتِ مش فاهمة، أنا خدت جايزة ٢٠ ألف دولار، ولما جيت كان الدولار كان بستة جنيه ونص، ده الوقت زمانه وصل ١٢٠ جنيه"

الجمهور المصري كان وقتها حزين لأنه مصر ما تأهلت لنهائيات كأس افريقيا، بس فيه آمال عريضة عم تتعلق عَ الحكومة المصرية الجديدة. وقتها، كانت المسجات على الموبايل قصائد: عارف ايه الفرق بين صوتك والرصاصة؟ الرصاصة تاخد الروح وصوتك يرد الروح.

وكان فيه بأجهزة النوكيا القدام "مؤلف نغمات"، بتختار سرعة الإيقاع، وبتكبس أرقام عالتساهيل، وإذْ بيطلع معك لحن. بتحس حالك وقتها موزارت.

فيه شاب من منطقة عين شمس بمصر، كان بالـ2004 يشتغل بمحل بيع موبايلات، وبيوم بيقرر يألّف لحن لرنّة التلفون، بس مش بالضبط كبس أرقام عالتساهيل. عِمِل رنَّة ما ضلّ حدا بالحيّ إلا بده اياها، وسمعها مطرب شعبي، وطلب يغني اللَّحن.

هلا ما بعرف شو عمل المطرب الشعبي بالّلحن، بس عالأكيد إنه الشاب طوَّر مهاراته، وصار لقبه "الدكتور عمرو حاحا"، نجم التوزيع الفني لـ"موسيقى مهرجانات".

مرحبا فيكم بالحلقة الثالثة من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك". أنا رنا داود. بهالموسم بنستعرض أنواع موسيقى مثل البوب والروك والراي، وبنروي قصص عن وجودها بالوطن العربي، وعن الفنانين اللي تبنوها من منطقتنا.

هالحلقة الي كتبتها لما رباح رح تحكي عن موسيقى المهرجانات، الي بدأت في المناطق الشعبية بمصر، وقدرت توصل لجمهور أوسع بكل العالم، وتعمل وجعة راس لنقابة المهن الموسيقية بمصر، إلها أول ما إلها آخر.

بمنطقة مدينة السلام، بمحافظة القاهرة، فيه تمثال كبير لأنور السادات، انبنى بعد بفترة من بناء هالمنطقة أواخر السبعينات. وبأول التسعينيات، صار زلزال بالقاهرة، بدقيقتين ونصّ قدر يقتل ٣٧٠ شخص، ويشرد آلاف المصريين من أحيائهن الأصلية. فأغلب الناس الي شردن الزلزال راحوا وسكنوا بمدينة السلام، وتحولت من وقتها لمنطقة فيها كثافة سكانية عالية، وإهمال لخدمات الصرف الصحي والنظافة. 

ظهر في مدينة السلام بعد سنين سادات جديد: سادات العالمي؛ الي ما إله تمثال، بس الكلّ بيعرفه.

هيدا كان مقطع من مهرجان خربان من توزيع الدكتور عمرو حاحا، لويجز وسادات العالمي. 

بفترة ما، بعد ثورة ٢٥ يناير بسنة أو سنتين، كان سادات العالمي عم يطلع بمقابلات على نيويورك تايمز، وذا غارديان، وكتير مواقع صحفيَّة أجنبيَّة ليشرح للعالم: شو يعني موسيقى مهرجانات.

"Sadat comes from a poor, drug ridden Cairo neighbourhood called “Madinet-Assalam”, 

ساكن هنا، شفت البلكونة الخضرا دي؟"

كانوا وقتها الصحفيين مش شايفين إلّا إنّه فناني المهرجانات جايين من أحياء فقيرة، وبيعملوا موسيقى بالعربي، بس مش شرقية كيف الصحفيين الأجانب بيتخيلوا، فكانوا يا عمي بيحتاروا، يعني هاي موسيقى شعبي؟

لأ.

راب؟ لا مش بالضبط.

طيب إلكترونك؟

فسمّوها بالآخر إلكترو شعبي. بس إذا بدكن الصافي، هي موسيقى مهرجانات، وبس. تصنيف خاص مميَّز بذاته. 

حتى إنه نجم المهرجانات فيفتي، عمل مقابلة مع مجلة معازف للموسيقى مرّة، وبالحرف الواحد بيقول: "المهرجان مش شعبي. لكن ليه اتصنف شعبي؟ عشان طالع من منطقة شعبية. يعني لو كنت أنا ساكن في الزمالك، واسمي مازن وصاحبي اسمه هيثم وعملنا المهرجان ده، كان هيتصنف إلكترو مهرجان.

بتعتمد موسيقى المهرجانات على إيقاع معه تأثيرات إلكترونية، كانوا فناني المهرجانات بالبداية يستخدموا برنامج ع الكمبيوتر اسمه "فروتي لوبس ستوديو"، بيعمل ألحان موسيقية ديجيتال، يعني بدل ما يكون فيه استوديو مكلف فيه عازف بيانو، وعازفة إيقاع مثلاً، خلص الكمبيوتر بينتج كلّ الأصوات، وإنت بترتبهم ع رواق، وبتعمل لحن. وبعدين الشباب بيسجلوا أصواتهم، وبيعملولها Auto-Tune.

يعني بدل ما تكون: أوف أوووف أووووف.

بتصير: أووف أوووف أوووف. (Auto Tuned)

بس طبعاً بالسنين العشرة الأخيرة، تنوّع فن المهرجانات، وصار لكل فنان بصمته الخاصة.

سادات العالمي بيشرح، بفيلم تسجيلي سنة ٢٠١٤ اسمه (مهرجان)، بيشرح ليش بيكتب أغاني. التقى بمخرج الفيلم في غرفته بمدينة السلام، صورته معلّقة عالحيطان جنب صورة بوب مارلي، وطلَّع كياس بلاستيك مليانة دفاتر وورق، فيها كلمات أغاني، وخربشات، وأرقام بنات، وقال للمخرج: أنا بكتب على قدّي.

"مش عشان خاطر الواحد مكانته قليلة في المجتمع قوي إنه ما حدش يسمعه، لازم أي حدا في بلدنا يكون صوته مسموع، اذ كان هو بقى متعلم، أو من تحت أو من فوق، لازم نكون عارفين هو حيوصل لإيه أو حيقول ايه".

المقالات والوثائقيات بهديك الفترة كانت غالباً تتعامل مع هاد الفن على إنّه وليد ثورة يناير، أو جزء من معارضة حسني مبارك، مع إنّه المهرجانات ظهرت قبل الثورة سنة ٢٠٠٤، وإلها جوانب سياسيّة أكيد، بس بمعنى ثاني.

بلشت المهرجانات لأنه بالمناطق الشعبية المصريّة الناس متعودين يكون فيه مطرب بكل عرس، بس هيدا الحكي بيكلّف كتير، فصاورا يجيبوا دي جي، والدي جي بلّش يغني للعرسان، وللمنطقة، وعن الحياة، وصار المهرجان. 

المهرجانات حتى غيرت شكل الأفراح، ما عاد فيه كراسي وطاولات تقعد عليها الناس وتتفرّج، الكل واقف والناس  بالشارع عم تحتفل، والناس متكيّفة ومبسوطة، بعرس، بخطوبة، بطهور، بفوز الأهلي، وألعاب نارية عالسطوح، وحدا متعلق على عمود كهربا يتفرّج، وحدا عم يرقص ومن الحماس شلح بلوزته. 

وبالبداية، لحد سنة  ٢٠١٣ على الأقل، ما كانوا فناني المهرجانات ياخذوا مصاري، أجر، على إحياء الأعراس، إلا إذا كان العريس غريب عنهم، يعني القرايب وجيران الجيران وحبايبهم هدول بينحطوا عالراس والعين، وما بيدفعوا شي.

هالشي اختلف من وقتها لهلا، تدريجياً. اختلف موقع المهرجانات بالمشهد الفني، فبالوقت الي كان عمرو حاحا عم بيأدي باحتفالية لمؤسسة المورد الثقافي، جنب فرق فن ملتزم مثل اسكندريلا، كانت فرقة أوكا وأورتيغا عم تعمل إعلان لشركة لحوم مجمّدة.

بالحالتين المشهد غريب، وما بيشبه عرس بمنطقة عين شمس مثلاً. وصار مختلف أكثر لمّا تأسست شركات إنتاج مثل "١٠٠ نسخة"، الي اشتغلت مع سادات، وفيفتي، وإسلام شيبسي، وغيرهم، وعملوا عروض مهرجانات خارج مصر، وقدروا ينتقلوا من مكتبهم الصغير، لمكتب أنيق بيطلّ على القاهرة عَ الطابق العاشر. بيقول المنتج رفعت بمقال على موقع فايس إنه هلا ما عادوا الفنانين ينتجوا ببيوتهم، وبيأشّر ع استوديو الموسيقى بمكتبه، وبيقول انه ايه فيه شركة عقارات عم تنظم مهرجان، ومصنع بيرة عم يدفعلنا مشان فيديو كليب، وايه عم نعمل مصاري كتير، بس أنا بعدني بشتغل مع هالشباب، وما تغيرت.

الأكيد إنه فيه كثير أشياء تغيرت بهاد الفن. 

أولاً، نمبر وان، محمد رمضان. الممثل والمؤدي المصري الأسمراني الرِوِش، الي بيحرص في كل ظهور يورجينا عضلاته. بيغني موسيقى مهرجان، بس يعني ما عنده كيس بلاستيك مليان دفاتر.

بيدفع للمدفعجية ومحمد الفنان، موسيقيين مهرجانات، وهن بيكتبوله وبيوزعوله، وهو بيطلع بيأدي بفيديو كليب استعراضي، وبيشيل شوية ألفاظ بالكلمات ممكن تزعل الجمهور المحافظ، وبيعمل عمل فني تجاري، آخرته يطلع بإعلان ممول من شركة الاتصالات. وتقريباً نفس الفكرة بتطلع مع أحمد مكي، نجم السينما.

وهذا بيودينا لثانياً، نمبر تو، إنه الفَرق بين فناني المهرجانات الثانيين ومحمد رمضان، إنه محمد رمضان عضو بنقابة، فالشي الثاني الي تغير هو هجمة نقابة المهن الموسيقية على هالفن، والي بدأت قبل ٣ سنين لما كانت النقابة تمنع إذاعة أغاني المهرجانات، بس تأكدت الهجمة رسمياً بشهر آب ٢٠١٩، لمّا نشرت النقابة، برئاسة الفنان هاني شاكر، بيان بتمنع فيه التعامل مع ١٦ مغني مهرجانات منهم فيفتي، وعمرو حاحا، ومطرية والديزل، وحمو بيكا... والي بيخالف هالقرار، وبيتعامل مع هالفنانين، عقابه حبس من شهر لـ٣ شهور، وغرامة مالية. 

مثلاً  كان فيه حفلة لحمو بيكا بدمياط، بتقوم النقابة بترفض تعطيه تصريح يغني، وبتبلغ الجهات الأمنية ليوقفوا الحفلة، فبيروح حمو بيكا على مبنى النقابة، بيوقف وبيطلع فيديو لايف.

"هنا المهن الموسيقية هنا في مصر الي بتمنع أي شاب يبقى ليه جمهور يغني… دي بلدي، احنا بنتشحططوا، معايا ناس بتاكل عيش والناس دي بتمنعنا."

بعض منصات الإعلام المصري نشرت الفيديو تحت عنوان اقتحام حمو بيكا للنقابة.

القصة وما فيها، إنه حمو بيكا مش بس عليه قرار منع من النقابة، بس كمان مش عم يقبلوا يعطوه كارنيه، هاني شاكر بيشرحلنا ليش.

"حمو بيكا لما قدم امتحان نقابة، سقط في الامتحان، ما عرفش يغني حاجة على ريتم"

هلا مين كان رئيس لجنة الامتحان؟ حلمي بكر. ملحن عمره ٨١ سنة، كان يلحن لوردة الجزائرية ونجاة الصغيرة. وعلى كل حال مش مبسوط كثير من أداء النقابة. وهذا واضح بمقابلة على قناة القاهرة والناس، لأنه كان رح يكسر الطاولة من كثر ما خبط عليها كل ما يجيبوا سيرة النقابة.

"آخر لجنة أنا كنت فيها، فوجئت بإنه بيمتحنوا العضو العامل وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ، أدي أول كارثة"

بعدين بتسأله المذيعة: لو اتطلب منك تلحن لأحمد شيبة، توافق؟

طبعاً أحمد شيبة هو مطرب شعبي، من أشهر أغانيه اه لو لعبت يا زهر.

لو اتطلب منك تلحن لأحمد شيبة توافق؟

اه، إنسان صوته حلو جداً، كلمني وقالي انت قلت عني أمّي، قلتله شكوكو واسماعيل يس كانوا أميين…. شكوكو كان يتعلم فرنساوي مع أولاده".

بعد هالحادثة، طلع حمو بيكا على قناة صدى البلد، وأول سؤال بيسأله المذيع بعد مساء الخير، مثل مدير مدرسة عم بيبهدل طالب، بيقوله:

"الي عملته يوم ما رحت النقابة كان طبيعي، كان تصرف طبيعي؟"

فبيعتذر حمو بيكا. وبيقول إنه جرّب يروح عالنقابة ياخذ تصريح للغناء كذا مرَّة، وبيشرح كيف الكل أهملوه.

فبيطلع عنوان عريض عالشاشة: "حمو بيكا يعتذر لأمير الغناء العربي الفنان هاني شاكر".

كان فيه تصريحات لهاني شاكر بالإعلام المصري بتقول إنه فناني المهرجانات مش فنانين، لأنهم بيغنوا في الأزقة والحارات  واليوتيوب.

لمّا قعدت أتفرج ع صور من قبل خمس سنين لسادات العالمي، لقيت صورة بيكون فيها عم يتمشى بحارته، لابس زنّوبة، شبشب بصباع يعني، غير هداك الي ضاع وغناله محمود فيجو. وكان رد فعلي متل الصحفيين الأجانب، وكتبت ملاحظة عندي إنه فناني المهرجانات بيلبسوا لبس بسيط، مثل كل الناس الي بيتمشوا بالحارة، وبعدين سألت حالي: هو ليه كيف لازم يكون شكل الفنان بلا صغرة؟

وبعد متابعة تصريحات هاني شاكر، وسخرية حلمي بكر من غير المتعلّمين، ووقفة الإعلاميين بجنب فنان العرب الأمير البطل، بيصير مفهوم أكثر ليش سادات اعتذر بالفيلم التسجيلي إنه بيكتب على قده، لأنه خريج صنايع.

بتحس القصة مش حرب بين فن كلاسيكي وفن جديد. ولا إلها علاقة بفجوة العمر بين هاني شاكر ومجدي شطة مثلًا، العلاقة علاقة تعالي على الفقرا، وحرب بين فنّ معترف فيه، وفنّ مش قد المقام لأنه بيتغنى بالحارات وما بيحكي فرنساوي، مع إنه وصل لجمهور من الملايين، وقدر يخلق شكل فني جديد.

بالفيديو الي طلع فيه حمو بيكا من قلب النقابة، قال إنه ما دام انتوا مش معترفين فينا، نحنا كمان ما بنعترف بفنكن.

بمقال على موقع الجزيرة، فيه اقتباس من معلّمة مدرسة مصرية، تفاجأت إنه حمو بيكا بيحيي حفلة عرس فخم بقصر لثري من أثرياء مصر، وبتقول إنه ضيوف الحفلة ما كانوا منطربين بحمو بيكا على قد ما كانوا مندهشين، إنه عم يتفرّجوا على هالكائنات العجيبة من عالم آخر.

ويمكن هاي كمان مبالغة، انتو شو رأيكن؟

المهم إنه بنفس المقال، فيه كمان مقابلة مع سائق توكتوك، بيقول إنه بيحس المهرجانات صادقة بتعبر عنه، وبيعلّي الموسيقى بالتوكتوك وبيهزّ راسه طربان على جملة: "اللي يفرح يوم دموعنا، يبقى يوم فرحه مضايقنا".

هالحلقة بحثاً وكتابة للما رباح، تحرير وإنتاج صابرين طه، إخراج صوتي  لتيسير قباني، وساهمت بتحريرها، وبرويلكم ياها أنا رنا داود. وشارك بإنتاج هالموسم من دم تك فريق صوت: آية علي، مرام النبالي، جنى قزاز، ورمزي تسدل.

الحلقة الجاي رح تكون عن الروك العربي، إذا حابين تسمعوها، اشتركوا بقناة دم تك على أي وسيلة بودكاست بتفضّلوها. 

 

رصيد الأغاني بترتيب ظهورها:

ليلي نهاري، عمرو دياب

أغنية البودكاست: لما بدا يتثنى، شيرين أبو خضر، دوزان

خربان، سادات العالمي وويجز، توزيع عمرو حاحا، كلمات أبو عمار

كله بالحب، علاء فيفتى وزوكا

مبروك عليا، ياسمين عبد العزيز وبوسي، من فيلم جوازة ميري

إعلان ميتلاند أوكا و أورتيجا

نمبر وان، محمد رمضان

أنا الفاعل، المدفعجية

احا الشبشب ضاع، مهرجان

Yannie Tan plays the Cat Concerto, Tom and Jerry, Hungarian Rhapsody No.2 by Franz Liszt

رب الكون ميزنا بميزة، مهرجان 34، حمو بيك وعلي قدوره ونور التوت، توزيع فيجو الدخلاوي 

ال ميحسش وجعنا، أحمد السويسي و حمو بيكا و ميسره، توزيع فيجو الدخلاوي