حُبّي بخيالي

حُبّي بخيالي

في الحلقة السابعة من الموسم الرابع من "عيب"، كيف يمكن أن يصبح للخيال مساحةً للإبداع في الحب؟ أو...

نص الحلقة

 حُبي بخيالي

حابين نحكيلكم عن برنامج "جسدي" اللي بتنتجه شبكة Kerning Cultures. رح تسمعوا فيه ضيوف بيشاركوا تجارب وأفكار عن أكتر جوانب حياتهم حميمية، عن جسمهم، وعلاقتهم معاه، ودوره في حياتهم.

كل خلية بجسمي كانت ترجف، حاسة ان انا عايزة أخرج من جسمي

رح تسمعوا قصص مختلفة بتدور حوالين التعايش مع القالب اللي انولدنا فيه بكل ميزاته وقصوره. بتقدروا تسمعوا جسدي على أي تطبيق بتستخدموه لسماع البودكاست، أو تستخدموا الرابط الموجود في وصف الحلقة اللي  عم تسمعوها. 

"كيف عرفت اللي إنت اخترت الموضوع هذا فرحت نوعا ما لإنو موضوع كبير برشا بالنسبة ليا وماجاش لبالي إنو فمّه ناس تنجّم تفكر فيه أو فمّه ناس آخرين تعيش فيه"

"فأول فكرة إنو منيش وحدي لأنو أنا في العادة الأفكار ولّا القصص اللي نعيشها في داخلي منتقاسمهاش مع غيري ما نعرفش إنو فمّه ناس كيف يفكروا أو تعيش في حاجات من النوع هذا"

لما بنسمع عبارة "هالقصّة ولا يمكن كنتوا تتخيّلوها أو لا يمكن تعيشوها حتى لو بالخيال" شو بنقصد؟

عالأغلب الراوي بيكون عم بيجهزنا لقصّة مثيرة، وإحنا بنتشوّق لنعرف تفاصيل الحكاية... بس عمرنا صفنّا أو تأمّلنا بالنُصف التاني من العبارة؟ وشو عم يحكيلنا عن حالنا وعن العالم؟

"ولا يمكن كنتوا تتخيلوها"، هي صفة خارقة بتمنح قصص أو أحداث صارت بالفعل بُعد سحري جاي من عالم الأحلام والخيالات. صفة عم ترجّعنا أطفال بانتظار حكايات قبل النوم أو عم نتفرج على أفلام الكرتون، بانتظار مغامرات وجنّيات وبحيرة مسحورة وضفدع بيحكي، بانتظار عوالم مسحورة معايير الخير والشر فيها غير اللي عايشينها بحياتنا، قصص فيها عدالة وكمال ومثالية يمكن، فيها حب ما بيخلص.

"ولا يمكن تعيشوها حتى لو بالخيال" عبارة في مديح الخيال. الخيال، بوصفه أرض شاسعة أوسع من الواقع ومن الصدف ومن الأقدار. الخيال بوصفه حصان قوي، بيركض وبيتوغّل بكل زاوية من مخّنا ورؤيتنا وقلوبنا. بس كمان، عن كونه فعل إنساني، وفعل متكرر ومستمر، بيضل معانا، جوّاتنا، حتى لو كتير مننا بيهملوه أو بينشغلوا عنه أو بيخافوا منه. 

"ما انجمش نعد من وقتاش للحقيقة نتصوروا روحي من الطفولة ونتفكر روحي هكّا ديما عندي مساحتي الخاصة اللي نستغلها بدون حتى استشارة من حتى حد حتى في لحظات مع الناس معناها مش حتى وأنا وحدي فقط ممكن مع الناس نكون في حاجة ليها اكثر معناها على قد ماني موجودة مع عباد وعلى قد ما العباد هذوكم برشا على قد ما انا تكثر اللحظات اللي نحب نسكت فيها وكي نسكت فيها نبدا نفكر فيها في حاجات او نتخيل وننتظر في حاجات.”

"أعتقد اللحظة اللي كانت فعلا فارقة يعني في إن أنا أواجه قد إيه انا عايشة أو ان انا بعيش في خيالات كانت لما ابتديت أروح لمعالجة نفسية وهي قالتلي انتي عايشة في راسك، قالتلي انتي محتاجة كدة ترجعي معانا على أرض الواقع. وانا من ساعتها بتخيل كدا ان انا …. في بلالين طالعة من راسي مخلياني ماشية فوق كدا، وان دايمًا فيه شبر أو شبرين ما بين رجليا والأرض وهي مسافة مش كبيرة بس أنا برضو مش عارفة أنزل رجليا على الأرض."

الخيال ممكن يكون شاطئ أمان أو ملاذ للبعض، وممكن يكون مصدر الضحكات والنُكت للبعض، ومصدر العلاج والتعافي للبعض، وكمان مصدر الإبداع والخروج عن القيود والمألوف، وأحيانًا مصدر المتاعب ووجع الراس، كل واحد أو واحدة على حسب واقعهن، وعلى حسب الباب اللي بتفتحه لخيالها، وشو بتعمل فيه، وقديش بترعاه وبتغذيه، أو قديش بيخاف منه وبيخبيه.

.....

شيماء عايشة براسها من أيام الطفولة، بتخلق الحب الحقيقي جوه عالمها الداخلي الخاص، ونادية روحها حلوة، فيها تتخيل قصص الحب بكل الوجوه اللي بتعرفها واللي ما بتعرفها، وصارت من كتر خيالاتها تألّف نُكت على حالها.

وهلأ، رح نمشي مع كل واحدة فيهن ونشوف خيالها لوين بيودّيها وبيودّينا، وقديش هالخيال قوي وقادر يخلق لكل واحدة فيهن عالم بديل وقت ما بيحتاجوه.

أنا فرح برقاوي، وهاي حلقة جديدة من الموسم الرابع من "عيب". 

حُبّي بخيالي!

"طبعًا أنا عندي حاجات شنيعة ممكن أقولها على موضوع الخيالات بقى، في حاجات ههههه حقيقي فضايح، في حاجات مضحكة، بس همّا، في الآخر همّا حالتين أنا عشت بيهم وقت كتير من عمري، إن انا عندي كراش على حد، وإن أنا بعيش خيالات في راسي، والخيالات اللي بعيشها الحقيقة مش شرط إن هي يكون ليها دعوة بس بالعلاقات"

رح أبدأ من عند نادية، من مدينة القاهرة اللي تربّت فيها ببيت ووسط عائلي مشحون ومحافظ، اكتشفت وهي عم تنضج وتكبر إنه ما بيشبه طموحاتها، وما بيساعدها تكون على طبيعتها... ومن هون بدأت تسرح بخيالاتها.

"والخيال عامة كان، طريقة ما كنت بعرف أتعامل بيها مع حاجات مؤلمة بالنسبالي، يعني كنت بحاول أتخيل نقاشات حادة مع والدي أقوله فيها الحاجات اللي أنا كنت بخاف جدًا جدًا أقولها. كانت مساحة إن أنا أقدر أتخيل وضع مختلف غير اللي انا عايشة بيه في بيت أهلي. مساحة الخيال دي كانت فرصة الاستقلالية وأنا عايشة في بيت أهلي."

"الدنيا أكبر من الأوضة، اللي مش عارفة أخرج منها، لكن مزاجي الليلة سامح، أو حالف إني لاعتبّها" – يسرا الهواري

بس على قد ما كانت نادية بتتخيل، على قد ما كانت بتحس إنه أمنياتها مش ممكن تتحقّق....

"كانت دي الفكرة اللي عندي يعني، هو إن خيالي بيجيب نحس للفكرة وللآمال الرهيبة اللي كانت عندي"

"دلوقتي بقعد أفكر إن بعد ما استقليت إن في حاجات حصلت زي ما تخيلتها، و في حاجات حصلت بشكل أنا عمري ما كنت حتوقعه، وبضحك على نفسي إن أنا لسة عندي الفكرة العبيطة دي، إن أنا لو تخيلت حاجة أو فكرت فيها كتير قوي هي مش حتحصل".

طيب، فشو عن الإعجاب بشخص، أو احتمالية الحب، أو الافتتان، أو زي ما انتقلت الكلمة لحديثنا اليومي "الكراش"؟

"وطبعًا دي المخاطرة الأكبر في الخيالات التي لها علاقة بالكراشات، والسؤال الأهم بخصوص أي كراش هو هل إحنا عايزين الكراش دا يتحول لشيء أم إحنا عايزينه يفضل كراش؟" 

"بس أهي حاجة من المستحيلات، وعايزالها خطّة مدروسة وأنا عارفة" – يسرا الهواري

من كتر الوقت اللي قضّته بتحلّل بخيالاتها وافتتاناتها المنطقية وغير المنطقية، نادية صار عندها نظرية شخصية عن "الكراش"!

"هو فيه منظومة للكراش، إيه هو الكراش؟ هو يعني مشاعر تجاه شخص ما، ومش شرط خالص إن المشاعر دي تكون عايزة تتحول لحاجة تانية. وهي مشاعر وقتية جدًا، وقتية بمعنى مش إن هي بتحصل بعدين بتخلص ف مش حتظهر تاني، لأ هي وقتية بمعنى إن أنا لما بقابل الشخص المعني دا أو الكراش انا بحس آوه هاي كراش!"

لما نكون بعلاقات فعلية، خيالنا ما بيوقّف، لكن يمكن خيالاتنا بتكون مرتبطة أكتر بأمنيات معيّنة للمستقبل أو مواقف رومانسية في سياق العلاقة  أو سيناريوهات لحل خلاف معين.

بس في حالات الافتتان أو الكراش، الخيال بيشطح، بيسرح وبيمرح وبيفاجئنا بحالنا أوقات...

"ممكن يكون الكراش مشاعر بتطلع بسبب ظروف معينة، هي مشاعر معينة ف فيها براءة المشاعر بتاعة المراهقة، فيها رغبة طبعًا، فيها رغبة جنسية، وما فيهاش أي تفكير فإيه دا، الشخص دا خلفيته إيه، متعلمة فين، هل إحنا ملائمين، هي بس مجرد انفجارة مشاعر وأنا بحس بالنسبالي إن هي مشاعر بتطلع عشان هي محتاجة تطلع."

نادية بتشوف إنه المشاعر الكامنة جوّاتنا هيك هيك رح تطلع. في ناس مننا بتكبتها، وفي ناس بتطلّعها في صورة علاقات رومانسية واقعيّة، وفي ناس متلها بيهضموا وبيطلّعوا مشاعر كتير بعلاقات خيالية ووهمية مثل الكراشّات.

"ساعات بفكر لو أنا ممكن أبقى شخص Polyamorous

يعني في علاقات حب متعددة وبعدين بحس إن أنا غالبًا معتقدش إن أنا حعرف أعمل دا، بس أنا في نفس الوقت عندي العديد من الكراشات في نفس اللحظة، وبيروحوا وبييجوا بقى، يعني جايين رايحيين، رايحيين جايين".

ومع الوقت، نظرية نادية عن الكراشات وسعت وأخدت بُعد لغوي كمان...

"أنا دايمًا بربطها في ذهني إن هي كلمة انجليزي، زي ما إحنا بنقول بوي فريند جيرل فريند وإحنا بنتكلم بالعربي، لحد ما أدركت مرة كان واحد عنده كراش عليا، وهو ما بيتكلمش إنجليزي كان بيقول عليا ال كراش، وأنا ساعتها حسيت إن دخول كلمة كراش في اللغة العربية له أبعاد أخرى.

 إن هي كلمة كدة تخص مشاعر ناس كبيرة، مش بس مشاعر ناس في المدرسة، بالذات إن بقى قدامها "ال" يعني الكراش بقت حاجة كدة جد جدًا، يعني زي المرتب، الوظيفة، الكراش، حاجات كدة adult belongings يعني، أشياء تخص الناس الكبيرة.

"الدنيا أكبر الدنيا أحلى الدنيا أفظع الدنيا أروع، الدنيا أكبر الدنيا أحلى الدنيا أسرع الدنيا أوسع"

وبينما كبرت نادية بالقاهرة، هيّ ونظريتها عن خيالاتها وكراشّاتها...

في مدينة ما من تونس كبرت شيماء وكانت آخر العنقود اللي ما كان مرغوب أصلًا بقدومها للحياة، لكنها أصرّت تيجي عالدنيا وصار عمرها 27 سنة وعم بتعيش مع خيال من نوع تاني...

"ما نعتبرهاش مسألة خيال فقط أنا، يعني الخيال نعتبروا مرتبط برشا بالإبداع وبالفعل ويعني اللي يستفزك بش تخلق الخيال لمن ممكن نسميها حياة داخلية لإنه الانسان يعيش في داخله حاجات يخلق شخصيات يعيش معاها كل يوم. الصمت عنده مهوش صمت كيما يعيشه أيا عبد آخر مهوش فراغ بالعكس الصمت هوه لحظات تعايش مع الذات كبيرة برشا، إنك تعيش مع روحك مع شخصيات انت خالقها وتنجم الشخصيات هذيكا منكش قادر انك تتخيللها وجوه وتلصقلها وجوه أخرى من الواقع متاعك".

الخيال كان مختبر شيماء الذهني، مخبأها السري اللي بتركّب فيه قصص حب يمكن بعمرها ما تعيشها، وشخصيات مش موجودة وبحياتها ما رح تشوفها:

"وطبعا هذا الكل فيه تعويض لكل شي ما عشتوش ولا ما جربتوش ولا ما حسيتوش، نعيشه وقتها معناها نعيشو نعيشو بشكل مادي نحسه نحسه ماديًا معناها ماهيش فقط نتخيلو نشوف صور وانتهى معناها، الحكاية تعيشها حتى جسديًا."

يمكن لو في بيني وبينك حكي كنّا حكينا

غمّضوا عيونكن... خُدوا نفس عميق... وتخيّلوا إيد حبيبكم أو حبيبتكم عم تلمس كتفكم، عم تزبّط خصلة شاردة بشعركم أو عم تضغط على إيدكم بحب وقوّة.

شيماء بتعيش هاد الخيال... لكن وعيونها مفتّحة وسط الأصدقاء، وبدون وجود لحبيب حقيقي تتخيّله، وكإنها بتحضّر حالها في كل مشهد لمقابلة حبيب عمرها اللي ما بيوصل لعندها – لحد هاللحظة -  إلا بالخيال...

"نعرف روحي اللي أنا ديما في حالة متاع انتظار، مشاهد الصدفة ديما تتعاود يعني إنو أنا نكون قاعدة في كافيه ونلمح شخص دخل، أحيانًا نلمحه ههه نلمحه وأنا قاعدة مع الناس و نلمحه بشكل بادي يعني نبدا نغزرله داخل وباش يفاحئني أو يلمسني على كتفي هاكّا وأنا ما نفيق بيه خلفي معناها ديما هناك شخص بش يجيني وقت أنا في حاجة ليه وبش يفاجئني وبش يسعدني و بش يهزني للمغامرة ونمشي معاه وديما هاكيكا مسلمة نفسي بشكل تام". 

وبتسرح بخيالها، وبتطلع من المكان والزمان مع حبيبها المتخيّل، بينما هي مبتسمة في وسط حديث بين الأصدقاء... 

"أحيانا نبدا مع صحابي وأنا في مخي أنا في البحر في اللحظة هذيكا نعوم مع شخص أو مش عارفة أو نتسلقوا في جبل كل مرة مغامرة غريبة."

"يمكن في قمر أو في شجر أو شي جسر حديد"

وحفاظًا على حياة خيالها في كل الأوقات، طوّرت شيماء مهارة الوجود في مكانين بنفس الوقت، وبدرجة تركيز عالية، نُصّها مع حُبّها بخيالها، ونصّها التاني على الأرض مع الناس اللي عم يحكوا بمواضيع تانية...

"بحكم التعود على المسألة هذه من الطفولة ديما نتدارك الموقف معناها. أحيانًا نفيق وحدي  أحيانًا يكون عندي ذهن سارحة. لكن أُذن تسمع في الناس إيش قاعده تحكي والقدرة على إني نتفاعل معاهم بشكل ما"

بس أوقات هاد الشرود ممكن يخلق نوع من الحساسية عند البعض أو الإحساس إنها متعالية أو غير مهتمة بالناس، لإنه صعب يتخيلوا وين سرحت بمُخّها:

"خاصة الناس اللي نقابلهم أول مرة و ثاني مرة، يعني في لقاءاتنا الأولى ديما ياخذوا عليا فكرة شيما الصامتة وشيما اللي تدعي الحكمة وشيما اللامبالية باللي داير بيها واللي ما يعنيهاش إحنا في شنوّه نحكيو في الوقت اللي أنا أبعد ما يكون على هذاكا نبدا نعيش في مغامرة من أتفه ما يكون وأكثر سوريالية من اللي ينجموا يتخيلوه"

"يمكن في طريق جديدة بيني وبينك مش شايفينا"

خلوني أرجع لعند نادية ونظريتها عن الكراشز، اللي على قد ما هي عايشة معها كل يوم ومتعوّدة عليها، طلبت منها صديقة إنها تشرح الموضوع لابن أختها اللي عم بعيش فترة المراهقة: 

"من شهر كنت قاعدة بدي محاضرة لإبن أخت واحدة صاحبتنا اللي عنده 12 سنة عن أنواع الكراش المختلفة"

"وفيه بقى كنت بقوله إنه في كراش المستحيل، اللي هو لما يبقى حد ميت، حد ميت لو إحنا بنكراش على كاتبة مثلا او كاتب بنحس إنه إيه الفشاخة دي. النص مستحيل، لو عندنا كراش مثلا على براد بيت، هو ساعتها طبعًا قالي يعني براد بيت مش مستحيل؟ قلتله والله ربنا قادر على كل حاجة."

بعدين انتقلت نادية بالشرح للكراشز الأكثر واقعية:

"بعدين قلتله دي حاجات، دي مستويات إحنا ما بنفكرش فيها قوي، قلتله بس فيه بقى"

"فيه الكراش العادي اللي هو الكراش اللي كل يوم، اللي هو حد من جيراني بشوف انه هو أمور مثلا ف بحس إنه هو آه صباح الخير يا كراش"

"أو يبقى فيه بقى الكراش اللي نحب يبقى في حاجة بس لأ مش للدرجادي، يعني أفضل انه هو يفضل كراش."

"يا ريت البيت يكون ضاوي يا ريت، يا ريت البيت يكون ضاوي يا ريت"

الكراش ممكن يكون بأوقات صادق وفيه إعجاب حقيقي، بنت ذكية أو شاب وسيم، أو شخص سكسي، وممكن يكون مرتبط بمشاعر ما إلها علاقة بالحب، بل بالملل والزهق والإحباط، بظروف بتخلي شيء مش ممكن يصير جذاب ومحمّس ومثير. افتتان أو كراش ظرفي، أو موسمي مثل ما بتسميه نادية:

"في الكراش. الكراش بقى اللي هو الموسمي دا، أنا ...أنا عندي كراش بيطلع كدا في فترة معينة في الشغل، بنبقى مفروض نعمل  حاجة معينة، ناس من أقسام مختلفة، بنشتغل على حاجات مختلفة، وأنا ببقى زهقانة جدًا، وكان عندي كراش على زميل أنا مكنتش تعرفت عليه قبل هذه اللحظة، بس إن أنا أفكر فيه كان بيهون عليا ان انا بنزل الساعة 8 الصبح أروح أعمل شغل أنا مش عايزة أعمله"

"سونا يا سنن جتلك أهو، قبل ميعادنا كمان هنا هو" - شادية

والخيال صديق الملل، صديق الزهق، صديق الأوقات اللي بس بدنا نخلص فيها من الموقف اللي إحنا مجبورين عليه:

"وهو متجوز ومخلف ويعني في أي ظروف أخرى معتقدش إن أنا والشخص دا كان ممكن يكون بينا أي حاجة، بس أنا حقيقي يعني بشوفه الصبح كدا وبحس صباح الجمال يا قمر، بقعد كدة إيه أسبّله، أو نطلب شاي مثلًا ف الشاي بتاعي يجي وماخدش بالي ف يجي يجبلي الشاي ف يقولي إنت نسيتي الشاي بتاعك، ف أنا أفضل أبصّله بصة بلهاء كدة  وأبقى حاسة إيه الحنية دي!! وأقعد ساعات أتخيل خيالات جنسية هههههههههه، بعدين أفكّر نفسي إنه هو مراته لسة والدة من شهرين"

"جيت ومنايا أشوفك جيت، جيت يا عنيا واستنيت"

"ولحد ما مدة الشغل اللي بنعمله سوا دا بيخلص، أنا بفضل عندي مشاعر الكراش دي على الشخص دا"

بس برغم طرافته ووهميته ويمكن هبله، أوقات الكراش بيكون بالنسبة للبعض مننا الفرصة الوحيدة اللي ممكن نشارك فيها أفراد من عائلاتنا بقصص مغامراتنا أو مشاعرنا، لإنه مش حقيقي، وما بيشكل تهديد على صورتنا قدام عيونهم المحافظة أو ما بيحطّنا بمواجهة مع أفكارهم وموانعهم اللي ما بتمنحنا فرصة إنه نحب:

"أول بقى ما قابلته، كنت دايبة في الكراش تمامًا، كنت بقعد بقى إيه؟ أبعت لأمي أقوله بحبه، تقولي بتحبي إيه بس وزفت إيه!! هي مامتي بتجاريني كدة، بتقولي ينفع يعني؟ أقولها لأ متجوز ف تقولي طب خلاص بقى، وأقولها بس هو أمور، ف تقولي وريني صورته، ف أوريها صورته من الفيسبوك، ف تقولي استغفر الله العظيم يا رب، كدا يعني".

"جيت يا هنايا وجيه ويّايا طيفك من المدرسة للبيت"

بينما نادية شاردة بزميلها اللي بيطل عليها مرّة بالسنة. شيماء قاعدة عم ترسم حبيبها في ذهنها. بتصنعه لإنه ما في حدا متله موجود على أرض الواقع. ما بتروح ولا بتيجي، بتضل جوّا راسها، وبتخلق الشخص اللي بدها إياه بخيالها.

وبما إنه شخص عايش بخيالها، فهو شخص صفاته ممكن توصل درجة الكمال سواء من ناحية الشكل أو الذكاء أو التصرفات. بالنسبة لشيماء، هي مش مضطرة تتنازل عن أي شي في خيالها، فليش لأ!

"الأكيد إنو وسيم جدًا، وأسمر أكيد وطويل ههه كنت ديما نقولها لصحابي هذيه طويل وأسمر كيما يقولو المصريين وأنفه مذبب شوية مش كبير وفمّه زادة كيف كيف صغير و غينيه كبار وشعره أكحل وأرتب زاده لازم يكون"

"وما نعرفش الحقيقية منين جمعتها الصورة هذيه"

بعدها ضحكت شيماء على حالها وقالتلي إنها عالأغلب الصورة النمطية للرجل الوسيم، وخاصّة الشرقي… بس طبيعته وخصاله لهاد الشخص مش كتير إلها علاقة بالصورة النمطية...

"هوه أنا نتخيله تونسي الحقيقة، ما تخيلتوش حتى نتصور مرة حتى مرة أجنبي أو من بلد آخر، طبيعته فيها كم كبير من التناقضات الحقيقة." 

"فأنا بالنسبة ليا هوه شخص  عنده من الخشونة ما يكفي بش إني نحس معاه بحماية معينة ولا بأمان معين واللي هية مسألة مش متعلقة بالرجل فقط متعلقة بأي شخص تجمعك بيه علاقة لازم تحس معاه بأدنى متاع أمان. وفيه ما يكفي من النعومة اللي تسمحلي أنا من مجال اللي أمارس فيه خشونتي أنا الذاتية متاعي اللي من داخل يعني أنا زادة عندي الاثنين فالمهم إنو يكون فمه تكامل بيناتنا ويكون فمه مد و جزر"

"بالنسبة لطبعه ما انجمش نعدد الحقيقة فيه كل الطباع الجميلة في العالم لكن الأكيد هو أهم حاجة هوه انه يفهمني وحده من غير ما نحكي"

هاي الأمنية مش جاي من فراغ، برغم إنها شخص اجتماعي ومتحدّثة بارعة، إلا إنه شيماء بتسكت كتير لما الموضوع يكون بيخصّها، وبتضطر تبذل مجهود مضاعف كل مرة عشان تفهّم الشخص اللي قدامها مشاعرها أو شو عم بيدور بذهنها أو شو عاشت بتجربة معينة.

هالشي كمان خلّاها تتخيل حبيبها قليل الكلام مثلها... 

"ما يحكيش برشا الحقيقة، عنده خصوصية كبيرة وأنا نحترمها. عندو لحظات يصمت فيها يمارس فيها صمته ووحدته. ويحترم كيف كيف اللحظات اللي أنا ما نحبش نتكلم فيها، و نتصور هذا عشته برشا معناها، فمه لحظات متاع صمت طويلة عشناها مع بعضنا معناها"

بس رغم قلّة كلامه، وصمتهم المشترك، حبيب شيماء المتخيّل داعم جدًا، وبيحكي وقت اللزوم الكلام الصح:

"أكيد هوه شخص يشجعني برشا يفكر معايا عملنا أحاديث مطولة الحقيقة في مشاريع نحب نعملها ولا في حاجات نحب نكتبها،…. لكن رأيه ديما داعم ليا معناها." 

مش بس داعم، هو شخص بيدلّعها وبيمدحها، ويمكن حتى بيقدّسها:

"طبعًا أنا شخص كنت نقرا من الطفولة، والحقيقة هذا كوّن فيا رغبة كبيرة في الاستماع للكلام اللي متقالش بالنسبة ليا الكلام الباهي اللي يقولهولي أو المدح اللي يقدمهولي هو مدح ما قدموش لحتى مرا أخرى غيري ولا باش يقولهولها"

"يعني فيها نوع من التأليه ومن التقديس واللي هية حاجات ممكن نرفضها في الواقع أو نحسها مبالغ فيها ولكن في علاقتي بالخيال بالعكس معناها هذاكا هوه اللي نحب عليه، وهذيكا لحظات نشوتي ونفرح كيف نعيشه" 

وأخيرًا، فهذا الشخص ثري وقادر يساهم بخلق الراحة المادية بحياتها لشيماء اللي بتشتغل ليل نهار...

"ممكن الثراء اللي ما عشتوش أنا واللي نحب انا نعيشه، ممكن إيماني الكبير هوه إنو في واقعنا توا مهم برشا أدنى متاع دخل مادي في حياتك مهمة برشا بش تحققلك نوع متاع راحة وسعادة، لانو التمرميد والفقر والتعب عمرك ما اتجمش تفرح معاهم وما عاش نؤمن بيها في الحقيقة المسائل التافهة متاع البساطة والقهوة على كورنيش ومش عارفة شنوه وتونا نفرحو"

بدي أرجع لكراشات نادية، والمخاطرة المتعلقة بالخيال، إيمتى بيجي دور الكراش اللي بدنا إياه يتحوّل لشيء فعلي؟ وشو معنى تحقّقه لشيء فعلي؟ هل لو كسرنا الصمت بنكسر هيبة الكراش؟

"بعدين كنت بتكلم معاه عن الكراش الأسمى، الكراش اللي إحنا فعلا نفسنا يتحول لحاجة، مش شرط حاجة دي تبقى علاقة طويلة الأمد، إن هي بوسة، ليلة ساخنة، نمسك إيدين بعض، نعيش أسبوع في السعادة، علاقة قصيرة سعيدة!"

نادية عادة ما بتخلي كراشاتها لنفسها، جوا راسها، تحديدًا الكراش الموسمي اللي استمراريته كبالون منفوخ أحسن من ما يفرقع لو غلطت وعبّرت عن إعجابها غير المنطقي. 

لكن في لحظات بتيجي وبنقرر فيها نكسر الصمت، نكسر هيبة الكراش:

"مرة كنت راجعة عالطيارة راجعة القاهرة، وكنت لوحدي، وأنا دخلت بدري الطيارة وقعدت في الكرسي بتاعي، ودخل واحد زي القمر، هو دخل الطيارة كدة وكان شكله قرفان جدًا، شكله مش طايق حد 

وقعد بقى في الكرسي اللي ورايا، وأنا قعدت كل شوية اختلس نظرات عليه وكان عندي كراش في ساعتها، يعني هو كراش اتولد في لحظة"

"وقعدت أقول طب أتكلم معاه؟ طب بعدين أعمل إيه؟ أتكلم معاه أقوله ايه؟ حقوله هاي إنت عاجبني؟"

كيف فينا نحكي مع الغرباء الفاتنين؟ أغلب الوقت ما بنحكي، بنراقب من بعيد، وتحديدًا عالطيارة بنراقبهم ليناموا ويغفوا ويفقدوا رومانسيتهم، أو إحنا نغفى بشكل مضحك وتتحطم صورتنا قدامهم، لو كانوا شايفينا أصلًا.

بس نادية قرّرت تعمل شي هاي المرّة...

"ف في آخر الرحلة كدة ف أنا طلعت النوتة بتاعتي وقررت إن أنا حكتبله يعني ورقة وإن انا ح أديهاله، وكتبتله إن "في دايمًا مرة أولى لكل حاجة وان دي أول مرة في حياتي أعمل حاجة كدة، وإن أنا معرفش هو قاعد في القاهرة قد ايه بس لو هو قاعد كام يوم ف ممكن يبقى لطيف ان احنا نشرب حاجة مع بعض أو نتعشى أو نركب فلوكة وقلتله "دي نمرة تليفوني" وقلتله و"اسمي على الفيسبوك كذا كذا، وطبّقت الورقة وكتبت بقى رقم المقعد بتاعي، أنا مش فاكرة كان 37 سي"

الرسالة انكتبت، بس كان لسه باقي على الرحلة 45 دقيقة، والحبيب المنتظر قاعد وراها ما معه خبر بشو عم بيدور بذهنها طبعًا:

"هي دي بقى اللحظة اللي أنا تخيلت فيها قعدت أتخيل رد فعله لما أديله الورقة. يعني طبعًا خيالاتي الجامحة تمامًا إنه هو مثلا حيقوم بايسني في مطار القاهرة. أو إن هو فعلا يكلمني، ويقولي إن هو برضو اكتشف إن أنا حب حياته، أو إنه هو مثلا يبعتلي مسج يقولي إنتي مزة قوي بس أنا متجوز."

قعدت ناديا بصراع إذا بتعطيه الورقة أو لأ، بعدين قرّرت تكمّل خطّتها وتعطيه الورقة. بس عشان حظها المنيل بستين نيلة يكمل، أول ما الطيارة وصلت ووقفت عند البوابة، حب حياتها المرتقب قام وتحرّك بسرعة بانزعاج وكإنه بده يخلّص كل الإجراءات بسرعة ويصير برّا المطار.

ضلت نادية تراقبه بصفّ الجوازات، بعدين أول ما ختم اختفى، وما ظهر إلا لما لقته خلص رح يطلع من المطار.

"جريت عليه، هو كان واقف برضو قرفان كدة، وخبطت كدا على كتفه، وهو بصلي بصة استنكارية اللي هو عايزة مني إيه؟ ف اديته الورقة، وهو فضل باصصلي كدة مش عارف يعني بيها ايه، وانا متكلمتش، فضلت ماسكة الورقة اللي هو دي عشانك. وهو قرا اللي انا كنت كاتباه، اللي هو from 37C دا وابتسم ابتسامة ساحرة، حقيقي ابتسامة ساحرة. وأنا ابتسمتله ومشيت، رحت أخدت شنطتي ونسيته يعني".

نادية أخدت شنطتها ونسيته. والكراش ضلّه كراش. كراش مدّته على مدة الرحلة من بلد لبلد. وكل اللي بقي مع نادية كان ابتسامة ساحرة، وقصّة تحكيها للأصحاب.

خلونا ناخد مسافة شوي من نشوة قصصنا الخيالية، ومغامرات افتتاناتنا وكراشّاتنا. يمكن صار وقت نفكّر بالخيال لوحده، بقوّته، وبتمسّكنا فيه، علاقتنا معه، مش علاقاتنا اللي بننسجها من خلاله...

"صحيح هذا ما نصدروش للناس اللي دايرة بيا لكن أنا في داخلي نشك برشا نشك في مشاعري نشك في قناعاتي نشك في أفكاري و لا أؤمن بالثوابت حقيقة جملة بالنسبة ليا هذا أمر ميتافيزيفي نؤمن بالتغيير الدائم تغيير المواقف تغيير المبادئ تغيير الآراء كل شي بالنسبة ليا متغير ومتحول، وبالتالي التشكيك هذيا دائم في كل شي يخلي الخيال بالنسبة ليا نوع من الهروب، نوع من الحقيقة"

مع إنه كتير أشخاص مننا ممكن يكونوا عدميين أو مشكّكين في الثوابت والقيم أو غير مؤمنين بالرومانسية في السياق الواقعي، إلا إنه بيضل عند بعضهم جزء داخلي، ممكن نقول عنه روحاني، أو حتى احتياج أساسي، لوجود حقيقة ثابتة بداخلهم، ولو كانت صغيرة أو حتى كليشيه. 

وهون ممكن يجي دور الخيال، كمساومة ما بين الشك اللي بنمارسه بشكل واعي، وبين الحقيقة المنشودة، اللي بنتمناها في سكون أرواحنا.

وشيماء بتساوم على قناعاتها في الحب في الخيال. مش قادرة تقتنع إنه في حب ممكن يدوم للأبد، أو في شخص ممكن يكفّيها لحاله أو لوقت طويل، بس في جزء دفين منها عطشان لهيك نوع من الحب، ولو كان أسطورة بتصنعها بنفسها، وبتصمّم تفاصيلها، وبتطوّعها لمزاجها وظروفها.

"ما نجمش نقبل فكرة إني نعيش مع حد طول حياتي في دار في أربع حيوط واتقاسم معاه كل شي ٣٠ و ٤٠ عام يعني مسألة شبه سوريالية بالنسبة ليا غريبة هذيكا عليش الشخص اللي في خيالي هو شخص يخضع لكل المعايير اللي أنا نحب عليها، متطور متغير، انجم أحيانا ملامحة تتغير، طبعه ديما يتماشى مع حالتي أو ردود فعله مع حالتي النفسية، مع وضعي المادي، مع الواقع اللي نعيش فيه"

وهاي القدرات السحرية بالتغيّر والتطور بالنسبة لشيماء بتخلّي حبيبها الخيالي شريك حقيقي ومناسب أكثر من الشريك الواقعي، وجميع التنازلات اللي بتيجي معه سواء عشان المجتمع اللي هي عايشة فيه أو حتى لمجرد إنه هو بشر وعنده عيوبه البشريّة اللي هي لحد هاللحظة مش حاسّة إنها بتستاهل تطلع من خيالها وتطوّر استراتيجيات مريحة للتعامل معها أو حتى تخاطر بقلبها...

"مش كيما الشخص في الواقع المادي، إنت لازم تقبله، وتقبل عيوبه وتقبل مساوءه، وتقبل العباد اللي دايره بيه، وتقبل إنه ما يتبدلش على خاطرك، و إنو عنده خصوصية و انو و انو و انو، على حساب برشا حاجات إنتي موجودة في حياتك. يعني الكم الكبير متاع التنازلات لازمك تقدمه وانت ينجمو يحزنو حياتك الكل بمعناها من غير ما تكون واعي بالشي هذاي"

"دعي الهوى ينسج مجراك" (فقاعتي الجميلة - ربى شمشوم)

ومع إنه خيالها غزير وحبيبها الخيالي حاضر بأغلب الأوقات، إلا إنه بيختفي ببعض الأوقات، أو للدقّة، شيماء بتعطيه بريك أو عطلة قصيرة بين الحين والآخر

"الرجل المتخيل ننساه تماما وقت اللي نعيش مغامرة أو علاقة عابرة، الطرفين واعين إنو تجربة جميلة وانتهى وهذاك أنا نميله أكتر الحقيقة من العلاقات المستقرة، لذا في العلاقة اللي كي تبدا علاقة مستمرة و فيها النوع متاع الالتزام وإنو نفكرو في مستقبل وكذا، تكثر مشاكلي تكثر احترازاتي يكثر... تطلبي ممكن يكثر زادة"

لما بتبدأ علاقة تمشي بطريق الجدية والاستقرار، بتكتر توقعات شيماء، بتكتر انتظاراتها، ومعاهم إحباطاتها من الشريك والظروف، وبتفتح خزانة الخيال وبتنادي على حبيبها المسحور اللي صنعته بإيديها:

"فهذا نوع من لمشكلة اللي يخليك تعيشها القصة هذه في الخيال معناها انو الوقت اللي تحاول تعكس روحها على الواقع تخليك مكيش فاهم وين يلزمك تتموقع معناها، تخليك تحب ديما ترجع تهرب يا اما لخيالك يا إما تفتقد العلاقات العابرة اللي كانت فيها سعادة مطلقة الحقيقة ما فيهاش حتى تخوف لانو علاقات ما فما انتظارات ديما فمّه تخوّف، فمّه إحباط" 

الخيال بمطرح، ممكن يكون مهرب أو ملاذ بدل الالتزام بعلاقات ما بترضينا، أو بتخذلنا، أو بتستنزفنا. 

وممكن للبعض يكون بمثابة شبح المثالية والكمال اللي بيعكس قسوة العالم وقسوتنا على حالنا، بيلاحقنا وبيخرّب محاولاتنا الواقعية في الحب واختبار تجربة إنسانية.

وبمطرح تالت، الخيال ممكن يكون محاولة مننا لترميم حب عم بنعيشه، لتزويق الحياة اللي بنطمح لها مع شخص، لتمنّي إنه واحدة تشوفنا وتحبّنا مثل ما إحنا، أو حدا يفهم قيمتنا ويقرر يستثمر بحبّه معنا:

"الخيال ساعات، ممكن يبقى مشكلة شوية في العلاقات اللي إحنا عندنا فيها أزمات ما"

مثل إنه الشريك ما يكون عم يعطي وقت والتزام كافي للعلاقة، أو يكون بعيد مكانيًا و/أو حتى فكريًا...

"أعتقد ممكن نقول عليها علاقة اللي أنا فيها دلوقتي، إن أنا بفكر أنا مش فاهمة العلاقة إيه ف حاسة إن أنا مش باخد أو إن أنا عايزة أكتر من الشخص ف بعيش في خيالي. وأكتر وأكتر بحس ان انا فعلا اللي بعيشه في خيالي لا يمت بصلة بالشخص اللي قدامي، يعني هو ملوش أي دعوة بيه". 

أوقات الخيالات كمان بتكون علاج مؤقت لمخاوفنا الشخصية وهشاشتنا اللي حاملينها بقلوبنا وعلى كتافنا من طفولتنا. إحساسنا بإنه ناس مهمة بحياتنا ممكن تتخلّى عننا، أو إننا مش محبوبين أو ما بنستاهل الحب. أو إنا طريقتنا للتعامل مع الخذلان من الحب.

"وساعات كتير بفكر بشكل قاسي شوية يمكن إن قد إيه الخيالات دي بتعبر عن خوفي الأكبر إن أنا مش حلاقي حد يحبني. وبحس بشكل نظري جدًا إن الخيالات دي بتتحول لطريقة إن أنا أتعامل بيها مع خيبات الأمل."

بنكون عم ننتظر الحب والالتزام من حبيبة أو حبيب، وما عم بنشوف بالمقابل غير التلويع والتعليق أو الخذلان المتكرّر...

"أنا في العلاقة بتاعتي الطويلة، يعني أنا كنت فعلا بستخدم الخيال عشان أتعامل مع إن شريكي كان مش عارف يقرر هو بيحبني ولا لأ. ف كنت بتخيل إن هو حيجي في يوم يقولي إن هو اكتشف إنه هو بيحبني جدًا. وأعتقد إن الخيال في اللحظة دي كان بيساعدني أفضل في العلاقة بس هو مكانش بيساعدني أتخطاها" 

وهيك، خيالنا اللي بيكون أوقات ملاذنا ومنقذنا، ممكن يورّطنا أكتر بتوقعات وأحلام بدل ما يطلّعنا من حبسنا العاطفي

"ف على قد ما الخيال ممكن يكون محرر، على قد ما هو ممكن يكون بيعمل قيود علينا في لحظة ما،  إنه الواحد يستحمل حاجة هو مش عايز يستحملها، او مش مفروض يستحملها." 
 

الخيالات ممكن تمنحنا مساحة عشان نفكّر ببدائل للوضع اللي إحنا فيه. وأوقات ممكن تكون رومانسية زيادة عن اللزوم أو مش واقعية. وكل ما بنكبر بندرك فعلًا قديش العلاقات صعبة جدًا، وقديش فكرتنا عن الشراكة ممكن تنهزم كل يوم قدام العالم والظروف ومشاكلنا ومشاعرنا.

"وبالرغم من الانهزام اليومي دا، هي بتفضل موجودة، الأحلام والآمال اللي ليها دعوة بالشراكة، إن كل ما بنكبر أعتقد بتوسع، يعني بدل ما تختفي، يبقى عندنا حلم شراكة بس هو بيتزحزح يمين شوية شمال شوية، بنفهم إنه هو ممكن يتضمن ناس تانية، يتضمن إنه الواحد يبقى عنده كراشز فعّالة في قصة حب جميلة على ناس تانية، مع الاعتراف إن العلاقات كلها حتنتهي بشكل ما أو بآخر، وإن العلاقة الأهم هي علاقتنا مع نفسنا."

وبين كل إدراك وإدراك تاني، وبنص دروس العلاقات وتطوراتها وأوجاعها وإحباطاتها. بتضل الكراشيز مثل نزهة النفوس، مساحة بتزهزه فيها أرواحنا، بتشحن طاقتنا، بتذكرنا إنه فينا نحب وننحب، حتى لو بالخيال وبالمستحيل!

مش بس هيك، الكراشز بتمنحنا علاقات مؤقتة بتنتهي بدون ألم، باختصار، بتمنحنا البداية المشوقة والنهاية الواضحة بدون التفاصيل الدرامية بالنص. يعني الخلاصة، هو رحلة حب سريعة وتقريبًا بدون أي استثمار!

"بعدين بيحصل حاجة كدا، زي أفلام الكرتون كدة، حد بيصحى كدة من النوم بيحس إنه هو إيه الهبل دا أو الكراش بينتهي كدة فعلا، في لحظة، في ثانية، وخلاص، بتبقى دي نهاية الكراش. ف الحقيقة ان نهاية الكراش اهون بكتير من نهاية العلاقة، يعني نضحك على بعض!؟ هي أسهل واهون ومفيهاش بقى مشاعر الارتباط والحزن، يعني انا اكيد مش ححزن عشان الكراش بتاعي على شخص انتهى."

حديث نادية عن الكراشز بهالسهولة ذكرني بعكس الشي عندي بالزبط. 

لسنوات وسنوات كل ما بسمع قصص الكراشز تبعت الناس، كنت بنكر لنفسي وللآخرين إني عشت كراشيز. فكرتي عن نفسي كانت إني بدخل بس بعلاقات فعليّة قابلة للتجريب والتحقيق. ومع التأمل بكلامها، بدأت أفكر بإني كنت بنكر على نفسي تجربة الكراش، بمنع حالي منها، يمكن عشان بخاف من الرفض لو عبّرت عن إعجابي، ويمكن عشان ما كنت مستوعبة كيف بينفع أستغرق بشعور عابر مش رح يروح على محل فعلي، وما كنت أوقّف وأقول: صباح الحلاوة يا قشطة وأستمتع باللحظة وبس. 

من سنة بس بدأت أفتح قلبي عالاعتراف بالفكرة، وإنها شي عادي وطبيعي، وإني مش لازم أخاف من الرفض لو حسّيت إني بدي أسعى نحو الكراش. الحقيقة، الحب اللي عم بعيشه السنة بدأ من كراش قوي، كراش خلاني أتصرّف بهبل وارتباك ومراهقة، بس خلق عندي ذكريات مضحكة لبداية علاقة حلوة.

"طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران، فات ما سلّم علي، يمكن الحلو زعلان"

"أنا بحس إن الكراش دي حاجة صحية جدًا، يعني هل إحنا حنقدر ننكر إن حتى أطول العلاقات ولا الجوازات، حتى أسعدهم إن مفيش حد بص لحد تاني، مفيش حد بص لحد تاني، مفيش حد فكر في حد تاني، دا هراء! حاجة ساذجة جدًا! بس في ناس بتغير حتى من الممثلين. أنا والدي كان بيغير جدًا عشان مامتي بتحب توم هانكس، وكان بينزعج جدًا لما بنتفرج على فيلم ف هي تقول مثلا "شوفوا الحلاوة!"

بس لما كبرت شوية فهمت إنه هو راجل معندوش ثقة في نفسه، ف هو مهدد بممثل أمريكاني في التلفزيون على برنامج عالقناة التانية"

"أنا طبعًا بحكي قصص الكراشز بتاعتي دي عشان الناس تضحك، أنا بحكيها بشكل مضحك يعني، أنا حتى بقول دايمًا لصحابي أنا بدخل في علاقات عشان أضحّكم، مش عشان العلاقات دي تنجح بأي طريقة."

هاي كانت الحلقة السابعة من الموسم الرابع من "عيب" من إنتاج صوت.

غيّرنا اسم واحدة من الشخصيتين حفاظًا على خصوصيتها.

إذا بتحبوا تعرفوا أكثر عن الأغاني والموسيقى اللي طلعت معنا، بتلاقوا معلوماتها بالوصف المرافق

هاي الحلقة كانت من إعدادي وتقديمي أنا فرح برقاوي، مونتاج تيسير قبّاني، وتحرير صابرين طه.

شارك في إنتاج الموسم الرابع من بودكاست "عيب" كل من آية علي، ومرام النبالي، وجنى قزّاز.