حمدلله عسلامتي

حمدلله عسلامتي

في الحلقة العاشرة والأخيرة من الموسم الرابع من "عيب"، بنسمع ياسمين بتحكيلنا عن رحلة تعافيها من حب...

نص الحلقة

حمدلله عسلامتي

أغنية: هل الهوى، جورجيت صايغ، (مسرحية سهرية 1973)

كنا سوا وكان الهوى ودمع الهوى آه

دمع الهوى ماله دوا إلا الهوى آه

أهل الهوى خلقوا سوا وعاشوا سوا وراحوا سوا

ضل اتزكرهن يا هوى...

مرحبا،

وصلت معكن لآخر المشوار بالموسم الرابع من “عيب”,

الأسئلة والتأملات اللي براسي وبراسكن عن الحب والعلاقات أكيد ما خلصت.

بالعكس... يمكن بعض هاي الأسئلة والتأملات هلأ رح تبدأ تيجي… مع قدوم النهاية... متل ما بعض الأسئلة والتأملات بس بتيجي عبالنا مع نهاية حب أو نهاية علاقة، وبتزيد وتعبّي الفراغ مع رحلة الحداد والتعافي.

أسئلة، جزء منها عن شو صار بالضبط، وكيف وليش وصلنا لهون؛ وجزء تاني منها عن شو رح يصير بعدين، فينا وبعالمنا. وجزء آخر عن مين إحنا؛ مين كنّا قبل، وكيف صرنا هلأ، وشو بنحب وشو بنكره، وشو جاي عبالنا نعمل بنقطة النور المشعشعة من بين الخراب، فرصة البدايات الجديدة مع حالنا، الشباك المفتوح بعد احتباس الحزن أو الغضب أو الخذلان أو العتاب.

وعشان هيك، برغم وجع النهايات، نهاية مشوارنا ونهايات مشاوير حب وعلاقات، وأيًّا كانت أسبابها ومبرّراتها، هاي الحلقة مش عن النهايات بقدر ما هي عن كيف بنتصالح معها، وبنطلع منها لأرض الحياة الرحبة.

عن كيف بنمشي لقدّام برغم الوجع، كيف بنسامح حالنا، وكيف كمان بنسمح لحالنا نعيش بدون تمسّك شديد باللي راح، وبدون اندفاع كبير نحو اللي ممكن يجي. نعيش على قدّنا، ونعيد ترتيب غرفتنا الداخلية المليانة دروس واكتشافات وتناقضات ورغبات، ونفتح عقولنا وقلوبنا وإيدينا للدعم والحب من ناس تانيين، من أهلنا وأصحابنا اللي بيكمّلوا حياتنا، متلهم متل علاقاتنا الرومانسية.

أنا فرح برقاوي، وهاي هي الحلقة العاشرة والأخيرة من الموسم الرابع من “عيب”، حمدلله عسلامتي.

حسيت بعد ما تركنا زي كأنه كنت ضايعة عن حالي ولقيت حالي، مع إنه الجملة كتير فيها دراما، بس بديت رحلة إعادة اكتشاف حالي، وصرت أحس زي كأني اتفرزت في سن ال 25 او 26 أول ما تعرفنا على بعض ورجعت لهاي النقطة بعد ما خلصت العلاقة. 

إحنا كنا بعلاقة طويلة 9 سنين، كان فيها إشي عن بعد وإشي مع بعض بنفس البلد وتفاصيل كتير وقصص كتير، ومرقنا بموافق بمواقف كتير مع بعض، .... (بس انتهت؟) بس انتهت آه، وانتهت بشكل حاسم وسريع …. ومفاجئ.

برغم كل التحدّيات المكانية والزمانية اللي مرقت فيها العلاقة قبل، كانت ياسمين مقتنعة فيها ومكمّلة، لحد ما إجا وقت معين غيّرت فيه رؤيتها لكل إشي

انتهت لأنه اكتشفت إنه بعد 9 سنين مع بعض في اختلافات بينا كنت مفكرة إنها ما بتلعب دور بعلاقتنا، بس طلع إنه طول الوقت كانت عم تلعب دور، ودور مهم

لأنه هو كان شخص أوروبي وأنا بنت عربية طبعًا، ومجتمعاتنا مختلفة، ثقافتنا مختلفة، عائلاتنا مختلفين عن بعض كتير، كنت أفكر إننا على نفس الصفحة، أو على الأقل فاهم

أنا من وين جاي، ومفكرته بصفي بس طلع لأ

الاكتشاف هاد ظهر تحديدًا بلحظة قرار الزواج وكيف تعامل حبيب ياسمين السابق معه

أهلي كان عندهم يعني توقعات معينة، إذا بدنا نتجوز مثلا هو لازم يسلم، اللي هو إشي أساسي بالنسبة إلهم ومهم. كانوا لفترة كتير طويلة، طول الوقت هما معارضين الموضوع، انه حتى لو أسلم هدا إسلام على ورق. بالآخر غيروا رأيهم، قالوا إنه أوك بنحب نتعرف عليه، إذا مستعد يسلم إحنا ماشي بنمشي بالموضوع. بس اللي صار إنه لما أنا حكيتله هدا الحكي، يعني بحم الموضوع لما صار الموضوع جد، طلعت هاي الفروقات

مع إنه ياسمين ما بتتفق مع كثير أشياء مع أهلها وبالثقافة المجتمعية اللي تربّت فيها، بس كانت علاقتها بعيلتها فارقة معها كتير، وكمان هويتها الثقافية، وكانت مفكرة إنه حبيبها السابق فاهم السياق الي هي جاي منه.

وبما إنه أصلًا ما كان متمسّك بأي مرجعية دينية، وبناءً على معرفتها فيه أو كيف كانت مفكّرة إنها بتعرفه، ياسمين اعتقدت إنه رح يتفهّم الموقف اللي هم فيه، ورح يتصرّف بشكل عملي عشان يسهّل الدنيا عليهم بعد كل هالمفاوضات مع الأهل.

لما أنا أعطيته موعد معين إنه يا إما نمشي بالموضوع بهدا الأسلوب وهاي الطريقة، بدك تعمل هيك هيك هيك، يا إما أنا الموضوع ما بيناسبني، لأنه 9 سنين فترة كتير طويلة وأنا كان بيهمني إنه أهلي يكونوا راضيين بالنهاية. ف لما وصلنا هاي المرحلة بهادا الحوار طلع كتير حكي من طرفه فاجأني، مش بس فاجأني، صعقني!

الحوار معه كان مُحبط وتصاعد مرّة واحدة لمكان عجيب ومؤذي

طلع إنه هو بيفكر بالموضوع إنه هاي مشكلتي الشخصية، مشكلتي مع أهلي مشكلتي الشخصية بانعزال عنه، هو ما إله دخل. إنت حلّي هاي المشكلة مع أهلك وبس تحليها تعالي. 

اكتشفت ياسمين إنه متل كإنها كانت في علاقة مع شخص غريب، أو حتى إنها ما كانت في شراكة أصلًا

الحوار تبع البريك أب كان كتير صاعق وكتير خلاني أفكر إنه "هل أنا فعلا بعرف هدا الشخص؟"، أو بعبارة أخرى "هدا الشخص اللي عم يحكي هدا الحكي هلأ …. بيختلف عن الشخص اللي أنا كنت مفكرة …. أنا …. في علاقة معه. هدا شخص تاني أنا ما بعرفه..

في الواقع انا كنت في علاقة مع حالي.

وهون ياسمين، خلص، حسمت موضوع العلاقة بشكل نهائي وبدون تراجع.

كان عندي حالة غضب فظيعة موجهة ضده لأنه شفت الأسباب اللي أعطاها والحكي اللي حكاه في هذا الحوار النهائي أسباب أنانية وتبريرات ما أقنعتني، ومش بس ما أقنعتني، كمان حطتني بموقف إنه أنا لازم أفسّر له ليش هو لازم يضل بعلاقة معي، وأنا مكنتش مستعدة أعمل هذا الحكي

لما تركت ياسمين، ما كان عندها إحساس بالفقد، على قد الغضب العارم والجارف اللي كانت حاسة فيه. وهالغضب ما كان كلّه ضد حبيبها السابق، كان في جزء منه تجاه حالها كمان

كان عندي غضب ضد حالي إنه كيف أنا ما استوعبت إنه في هالقد اختلاف بين الواقع والإشي اللي في بالي

طبعًا مش كل العلاقات بتخلص بهاد الشكل الحاسم. أو حتى بالعكس... على الأغلب العلاقات بتخلص بالتدريج. ضربات متتالية بتهز الأرضية المشتركة اللي انبنت عليها العلاقة، إما لظروف خارجية أكبر من استيعاب العلاقة أو لتغيرات داخلية جرت على حدا من الشركاء أو الاتنين سوا، وودتهم بطريقين مختلفين بالرغبات والمشاعر. 

ومع كل ضربة من هالضربات، بينطفي الحب درجة، بيقل الأمل أو بيقل الإيمان بضرورة وجود العلاقة واستمراريتها. وبتيجي لحظة، ممكن تكون لحظة عبثية جدًا، لحظة عنيفة جدًا، أو لحظة هادئة جدًا، تطفي الشمعة الأخيرة، وتخلص الحفلة.

الضربات هدول كانوا سريعات كتير بالنسبة لياسمين، اللي وكأنها فاقت من سبات عميق بعد ما صعقتها  عاصفة قوية ومفاجئة. كان في أشياء مكسّرة ومهدّمة، وأوراق مبعترة في كل مكان، بس كمان كانت العاصفة خلصت، والسماء زرقاء، والبحر هادي، والنسيم منعش، والشمس طالعة. وإجى دور لتستوعب وترتّب غرفتها الداخلية.

هدا الإشي بيصير لما تنتهي العلاقة، إنه بتصيري إنت تتفحصي كل الأشياء بعين ثاقبة ما كانت عندك وإنت بالعلاقة نفسها. بتصيري تحضري الموضوع زي كأنه فيلم، إنت بتحضريه من برا ف بتشوفي المواقف من برة وبتشوفيها بعين ناقدة يعني

بطبيعة الحال، أول شي عملته ياسمين إنه قعدت مع حالها وصارت تفكك الموقف العجيب اللي صار معها

بيخليكي تعيدي التفكير في كل العلاقة إنه هل كان في أشياء أنا لاحظتها وطنشتها؟ هل كان في علامات؟ مواقف معينة تحكيلي إنه إحنا مش ع نفس الصفحة؟ هل أنا لاحظتها وقررت إني ما أتعامل معها ولا أنا ما انتبهت؟ ولا أنا كان توقعي إشي تاني؟ فبيخليكي هيك تطرحي تساؤلات عن كل العلاقة

بانو بانو بانو على أصلكو بانو، بانو بانو بانو على أصلكو بانو

والساهي يبطّل سهيانه

الإجابات على أسئلة ياسمين كان طبعًا أغلبها "نعم"، بس أوقات المواقف أو التفاصيل بتكون صغيرة لدرجة بتبين تافهة ومش مهمة جنب كيان العلاقة

كنت أفكر إنه بما إنه جوهر العلاقة منيح وكويس وإحنا بنحب بعض وبنحترم بعض هاي الأشياء مش مهمة، بس بعدين اكتشفت في النهاية وكيف انتهى الموضوع إنه في الواقع هاي الأشياء كانت كتير مهمة وكانت هي السبب ليش تركنا

بالبداية فكرت ياسمين إنها تفادت الارتباط بشخص محافظ وذكوري، لكنها اكتشفت مع الوقت انو الذكورية مش التحدي الوحيد اللي ممكن يوقف بطريقها  

هي ما كانت ذكورية بقد ما كانت استشراقية التبريرات اللي أعطاها، حسيتها كتير مستمدة من فردانيته هو كشخص أبيض وأوروبي عنده رفاهية انه يعمل قرارات معينة، وعنده رفاهية إنه يرفض يعمل أشياء معينة، وأنا كنت مفكرة إنه هو فاهم أنا شو السياق اللي جاي منه وشو الثقافة اللي جاية منها وشو التحديات اللي أنا كل يوم عمّالي بحارب فيها

أتاريه مش كدا على طول الخط، الطبع الردي من جواه نط
خلاص بقى مهما انشال وانحط، مافيش دمعة حزن عشانه

مع كل إدراك جديد، كان في غضب من جهة وحزن من جهة

كنت أنا بتمرجح بين الغضب والحزن، أغلبه كان غضب بس الحزن كان جاي من إنه أحزن ع حالي شوي، إنه كيف أنا تربيت بطريقة معينة لدرجة إنه ما لاحظت المشاكل، ف أحزن ع حالي من هاي الناحية. أو مثلا أحزن ع حالي لأنه بستاهل أحسن من هيك، ولأنه قضيت وقت طويل بهاي العلاقة

بعد ما هدأت من التفكير بموقف الانفصال، رجعت ياسمين تطلّع عالعلاقة بشكل عام، وعلى حالها، وموقعها بداخلها

بحس لما تدخلي بعلاقة طويلة الأمد، يعني في في خطورة في خطورة إنك تنسي أجزاء من حالك، أو إنه تندمجي مع هدا الشخص التاني اللي إنت بعلاقة معه، من خلال تنازلات، من خلال تفاعلات معينة يعني، بتغير الشخص، وهذا إشي طبيعي مش إشي سيئ. بس لما خلصت هاي العلاقة حسيت إنه زي كأني عملت reset، إنه أنا رجعت للوقت اللي أنا كنت فيه 25 أو 26 سنة لما تعرفت عليه قبل 9 سنين

ياسمين مش بالضبط رجعت لورا، بس وكإنها انعطت فرصة جديدة لتتعرف على حالها بنفس فضول صبيّة عم تكتشف الاستقلال بالمشاعر والقرارات لأول مرة

وكانت عملية، لساتها يعني هي قائمة، بس كتير حلوة، كتير حلوة، لأنه في أشياء تغيرت فيا أنا لأنه أنا كبرت، في أشياء لساتها زي ما هي وعم بعيد اكتشافها وعم بعيد تعريف ذاتي، مين أنا؟ شو بحب؟ شو الأشياء اللي تنازلت عنها ومش لازم أتنازل عنها مرة تانية؟ شو الأشياء، المكونات بشخصيتي اللي أساسية إلي، اللي بتعرفني أنا كأنا اللي مش لازم أي حد ياخدها مني في المستقبل؟

فرح: متل شو؟ يعني في شي معين إنت فعلا كمشتيه وقلتي Shit أنا كيف هدا الإشي؟

ياسمين: فيه آه، مثلا أنا نسوية ومستقلة وبحب أعمل أشياء لحالي وقد حالي، 

اللي كان يصير في علاقتي إنه مثلا ما كنت أطلب منه إشي، كنت دايمًا أعمل كل إشي لحالي، لأنه أنا كنت أشوفه ك ند إلي، كمساوي إلي، ف ما بدي إياه يعملي إشي أنا بقدر أعمله لحالي.

وبنفس الوقت استبطنت طريقة معينة لكوني أنثى متربية بمجتمع عربي بشوف إمي بتعمل أشياء معينة لأبوي وإلنا كعيلتنا، بشوف الستات حوالي بيتصرفوا بطريقة معينة، بنفس الوقت اللي أنا كنت فيه نسوية وقد حالي وما بطلب منه ولا إشي وبعمل كل إشي لحالي، بنفس الوقت كنت بأدي الدور التقليدي للمرأة كمان.

زي مثلا كنت أطبخ، كنت أنا مديرة العلاقة، انا اللي بعمل كل الشغل العاطفي والتدبيري، والشغل الإداري اللي بيدخل في العلاقة. ف كنت عم بعمل دورين متناقضين مع بعض، اذا بتتفرجي عليهم من برا بيبينه انهم متناقضين مع بعض، بس بنفس الوقت بيفيدوه هو، يعني هو المستفيد بالحالتين

ازدواجية وتناقض الأدوار اللي لعبتها ياسمين بعلاقتها، أو بمعنى آخر الفخ اللي وقعت فيه وساهمت في تعميقه، هو مش شي حكر عليها. كتير نساء، ومنهن أنا وصديقات إلي بلحظة ما من حيواتنا، وقعنا بنفس الفخ. بندوّر على شركاء نعتبرهم ويعتبرونا أنداد، هاد على المستوى النظري. بس على المستوى العملي، بنلاقي حالنا عم نحمل أعباء تانية ما كنا قاصدين بالضرورة نحملها، يا لإنه مُبرمجات اجتماعيًا نعمل هالشي بشكل تلقائي أو لإنه فعلأ ما في حدا غيرنا عم بيقوم ببعض المهام داخل العلاقة.

وبأحسن الأحوال بنصير شبه مديرات للعلاقة، وبأسوأ الأحوال بنتحول لأمهات لشركائنا أو شريكاتنا بدل ما نكون شريكات بنفس مستوى الفائدة كمان مش بس المسؤولية.

بس بعضنا بتعتبر إنه بيحالفها الحظ لما تقدر تطلع من هاي العلاقات وتاخد فرص لتتعلم مرة تانية ما توقع بهيك أدوار، حتى لو ضلّت لحالها لفترة طويلة

بتصيري تتفرجي على تصرفاتك وعلى تصرفاته وكيف إنت كنت تمشّي أشياء بتستغربي كيف أنا كنت ما أعترض ع هذا الإشي، كيف أنا طبّعت مع الموضوع بس هذا الوضوح في الرؤية بييجي بعدين. النية إنه يكون درس الواحد يتعلّمه مشان ما يعيد الغلطة 

متل أي بريك أب أو انفصال، المشاعر بتكون ملخبطة ومتذبذبة، وكل شوي بيطلع عالسطح شعور جديد بنحتاج نقعد معه وما نقاومه

ومن ضمن هاي المشاعر في كمان السعادة أو الراحة أو الحريّة. هيك حسّت ياسمين لدرجة ما

الشعور الأكبر من هيك اللي ضل معي اللي هو إنه أنا عندي فرصة هلق أجرب أشياء جديدة، أنا عندي فرصة أعمل اللي بيبسطني، أنا ما حدا إله عندي 

أنا بروح وين ما بدي، بعمل شو ما بدي، بلبس شو ما بدي... مش إنه هو كان يتحكم بشو بلبس ووين أروح بس طبعًا لما تكوني بعلاقة مع حدا لازم إنت تراعي مشاعرهم كمان، فبصير فيه اعتبارات معينة، يعني بتفكري فيها

بالحقيقة ما كان في حدا مانع ياسمين تعمل شي ولا إنها تعيش حياتها، بس متل ما قالت أوقات التواجد بنفس العلاقة مع نفس الشخص لفترة طويلة بيخلّينا ننسى جوانب عن حالنا، أو نحجّم من حياتنا الاجتماعية أو الخارجية مثلًا عشان شركاءنا إما مش اجتماعيين كفاية أو عشان ظروف الوقت والحياة اليومية. 

المهم ياسمين حسّت حالها عم بتعيش من جديد...

هاي كانت السنة اللي من لما تركنا بيجوز من أحلى سنين حياتي، كتير انبسطت، ولساتني كتير مبسوطة، بس أنا شخص بحب التجريب، وبحب أحط حالي بمواقف جديدة، وبحب أعبّر عن حالي بشكل واضح، سواء بالكتابة أو كيف بلبس أو كيف بقدم حالي للناس. عندي دافع إني أعبر عن حالي، عندي حب إني أحكي أنا شو عندي

ياسمين كمان بتحب تهتم بجسمها وشكلها، وتعبّر عن حالها من خلال هالشكل وهالجسم، ومش بالطريقة النمطية وهالشي يمكن ما تخلّت عنه بالعلاقة، بس ما كانت ماخدة راحتها

هو ما كان يحب إنه أنا يكون عندي كتير عضلات. لأنه إحنا لما تعرفنا ع بعض ما كنت ألعب رياضة، بعدين صرت أرفع أثقال. أولها هو كان متحمس بس بعدين بطّل يعجبه الموضوع، بس أنا ما كنت أرد عليه طبعًا وهو ما كان كتير يتدخل بس ما كان مبسوط. بعدين اكتشفت بس تركنا انه في الواقع في كتير زلام بيحبوا العضلات على الست، في كتير زلام بيحبوا الشكل اللي أنا عم بقدمه، اللي هو شعري قصير، عندي شوية عضلات، شكلي مختلف شوي. هذا الإشي طلع مش إشي سلبي، طلع إشي كتير إيجابي

أنا حرّة وأموت في الحرّية ومزاجي أعمل سحلية

أنا حرّة وأموت في الحرّية ومزاجي أعمل سحلية

مع إنها حسّت بالانتعاش، بس كمان كان في وِحدة. بعد علاقة طويلة وتعوّد على صحبة حدا، كان في فراغ عاطفي. بطّل في حدا تحكيله أول بأول عن حالها، وتسمعه، وتشارك معه تفاصيل يومية. بس ياسمين كانت محظوظة برفقاتها اللي حاولت تعوّض هالفراغ المفاجئ معهن.

كل هاي الأمور وغيرها، كانت ممارسات وإدراكات عم بتعيشها ياسمين وسط الحداد والتعافي واسترجاع النفس... ولإنه الحداد مش طقس واحد، فهي عاشته كل يوم بيومه، بدون توقّف وبدون ركض 

أول إشي عملته فتت على الdating apps، قلت خليني أشوف شو فيه موجود، شو الأنواع، أغير جو، ف فتت يعني كان في إقبال، ف طبعًا عمللي بوووست في الثقة بالنفس، قلت آه ممتاز.. ما كنت أنا بدي أفوت بعلاقة بس إنه مشان أتسلى

بعد ما قضّت شوية وقت تستكشف تطبيقات المواعدة وتحسّن من ثقتها بنفسها وإنه أكيد في ناس بينعجبوا فيها بعد كل هالغياب عن ساحة العزوبية، رجعت ياسمين تركز على صحتها ونفسيتها بينها وبين حالها

بعدين... قررت إنه بدي أصير أدير بالي عحالي أكتر، ف مثلاً غيرت قصة شعري، غيرت لون شعري، صرت أروح أعمل أضافري، صرت أروح أعمل مساجات، صرت أقضي وقت مع حالي، أكتب أو أقعد بالبيت لحالي بدون ما أحكي مع حدا

صرت أطلع مع ناس أصغر مني بالعمر، هدا إشي ما كنت أعمله قبل. قلت يا بنت إنت سنجل خلينا نجرب، بنشوف يعني. يعني إشي كتير ممتع صراحة، بتحسي إنه في أشياء كانت تربطك وإنت مكنتيش عارفة إنها عم تربط فيكي، وبعدين صار في لحظة انطلاق وفي شهية للحياة، إنه يلا نجرب يلا نشوف، فحلو!

شوي شوي، صارت ياسمين كمان تستكشف أبعاد جديدة من استقلاليتها، متل إنها ما تستنى حدا يرافقها عشان تعمل أشياء عبالها كتير تعملها

بعدين صرت أطلع أرقص لحالي وهدا إشي عمري ما كنت أعمله يعني. اكتشفت إنه صاحباتي بيحبوش يرقصو، بيحبوش الموسيقى اللي أنا بحبها، مش معقول أضلني قاعدة أنا أستنى حدا يطلع معي!!

فقلت خليني أروح أشوف شو بيصير. طلعت، وبعدين صرت أطلع كل ويكند بطلع برقص، بتعرف على ناس، بنبسط، وبروّح.

ياسمين كانت عم تتنفّس كل يوم نفس جديد، واللي ساعدها أكتر هو دعم عائلتها إلها. بالأول كانت قلقانة من ردّة فعلهم عالانفصال بعد كل المجهود اللي حطّوه ليتقبلوا الموضوع وبعد السنين اللي استثمرتها بالعلاقة. بس اللي صار كان العكس

من الأشياء اللي كنت بفكر فيها لما تركنا إنه يعني أنا هلق رح يفكروا أنا هبلة، انضحك علي 9 سنين، فكنت قلقانة شوي من الموضوع بس في الواقع كانت ردة فعلهم كتير عادية، وحتى مش بس عادية، إيجابية. أمي قالتلي انسي الموضوع ولا زي كأنه صار. حتى قالتلي "إنت لساتك حلوة وصغيرة، خلص إنسي الموضوع وفتحي عينك".

وبالنسبة إلها، لولا وجود إخواتها وصديقاتها جنبها، كانت رحلة الحداد والتعافي حتكون كتير أصعب ويمكن فيها تردد وشكوك

إخواتي وصاحباتي كانوا كتير مهمين، ينشلوني من الحالة اللي أنا كنت فيها هاي تبعت الغضب والحزن، وبنفس الوقت كمان يأكدولي إنه أنا اللي عم بحس فيه مزبوط، إنه هوّ غِلط، إنه أنا اللي عم بحكيه مش إشي أنا عم بتخيله، ما عم بتبلى عليه يعني

كمان هالتواجد مهم عشان نلاقي حدا يسمعنا، فما بالكم وإحنا بعاد وبالغربة، وين ممكن نحس بالوحدة  بشكل أكبر بكتير من وحدة الحداد الأكيدة

كانوا يسمعوني، أبكي على السكايب أو عالتليفون وهما يبكوا معي، يعني هيك بيردوا علي، بيردوا على مشاعري، خصوصي هذا الإشي كتير مهم لما تكوني فقدتي حدا بتحبيه أو حدا مهم كتير بالنسبة إلك، اللي هو كان الشخص اللي انت بتحكي معه وبيسمعك

فرح: بما إنه عم نحكي عن العيب، في ناس حيعتبروا إنه هدا معناه إنه إنت ما كنت تحبي الشخص أو ما كنتي هالقد فارقة عندك العلاقة، إنه يي كيف قفزتي وصرتي هالقد مبسوطة بحالك؟ وين الوفاء؟

ياسمين: يعني كل حدا بيتعامل مع ال مع مع الفقد أو مع الوضع اللي هو فيه بطريقة بتناسبه، في ناس بيحزنوا اكتر ما بيغضبوا، وفي ناس بيغضبوا اكتر ما بيحزنوا، في ناس بعد سنين ليستوعبوا شو اللي صار. أنا شخصيًا مش رح أقعد أحزن وأندب لإنه انتهت علاقة عمرها 9 سنين، في مستوى حزن معين أوك بوصله، وطبعًا لأنه هدا وقت وهدا جهد وهاي مشاعر أنا استثمرتها بشخص وبعلاقة وفي عنا ذكريات وكان عنا أهداف معينة بدنا نحققها مع بعض. بس ما رح أحزن عليه لدرجة إنه أخليه يتحكم بحياتي. وأضيع كمان وقت من حياتي.

الموضوع مش بس موضوع الوقت والزمن. بس كمان في مشاعر، مثل الغضب، لو ما صرّفناها بطريقة أو بأخرى، ممكن تضلها تؤذينا حتى بعد انتهاء العلاقات بوقت طويل

في خطورة كمان إنه الغضب يا إما ما تعبري عنه وبالتالي تدفنيه وتضلي غاضبة، أو إنه ما تعبري عنه وتاخديه معك لعلاقاتك الجاية، يعني اتطلعي الفرقية بالناس التانيين اللي ما إلهم دخل. فلازم الغضب يطلع بطريقة إيجابية، لازم يتعبر عنه بطريقة أو بأخرى يعني، لأنه إذا ما بيصير هيك رح تحمليه معك، رح يضل معك

يا قلبي لا تقلق من الوحدة

دا كام من مرة طلّت عين وبعدين غابت

يا قلبي لا تقسى

التعافي عملية شخصية، وبتاخد وقت، يعني أنا ما بقول انه هلق بعد سنة من البريك اب أنا تعافيت، لأ، أنا في  طور التعافي، أنا كل يوم أحسن من اليوم اللي قبله. مرات بيصير في عندي زي ريلابس، برجع للمكان اللي انا كنت فيه قبل 6 أشهر، وهادا الاشي مش سيء، يعني هي فوق وتحت، آه فوق وتحت. الواحد لازم يشوف شو هو بيزبط معه.

أنا كيف بتعافى؟! انا بتعافى لأنه أنا عم بدير بالي ع حالي، وبحب أطلع وبحب أعمل أشياء معينة، وبنفس الوقت عم بدير بالي على صحتي النفسية، على صحتي الجسدية، على علاقاتي مع أصحابي وصحباتي وأهلي... كل الأشياء اللي ممكن تكون ضعفت شوي أو ما أعطيتها نفس الأولوية وأنا بهاي العلاقة، كلها هلق عم تطلع وعم بعطيها أولوية، وعم بلاقي إنه في أشياء أهملتها ما كان لازم أهملها

لكنه كمان بيبقى ساعات سبب السعادة في اللحظات، فيا قلبي لا تصبر ولا تسمع كلامي

وهلأ، وصلت معكن لآخر المشوار فعلًا، وصار وقت إطلاق الزفير الأخير. كانت ورطة حقيقية، أكبر حتى من اللي توقعته وحكيتلكم عنه بالحلقة الأولى. انبسطت كتير، وتعبت كتير، وحزنت كتير، وتوجّعت كتير... وعصرت مخّي وقلبي وجسمي لأسمع القصص وأعيشها مع أصحابها وأنتجلكم هاي الحلقات. 

والأهم، متل أي علاقة، تعلّمت كتير عن حالي وعلاقاتي وصداقاتي كمان. مبسوطة إنكم رافقتوني بهالرحلة، وبتمنى إنها كانت رحلة تأمّل وتعلّم مسليّة ومفيدة متل ما كانت إلي كمان. وعلى قد الحب على قد المجهود والتعب.

يا قلبي لا تحزن، لا قلبي لا تحزن، يا قلبي لا تحزن كل الوجع بيفيد

يا قلبي لا تحزن، لا قلبي لا تحزن، يا قلبي لا تحزن كل الوجع بيفيد

حب. مسافة. حرية. استقلالية. تربية. أنانية. تروما. عناية. بحث. تفكير. أسئلة. أذى. صراحة. مراجعة. تراجع. اعتذار. صحة. تعافي. تجريب. تخريب. تغيير. ارتباك. نهايات. وبدايات جديدة.

 وخلاصته؟ ما في خلاصة. الحب متل الحياة، كل يوم بحال، وكل يوم بيعلّمنا شي جديد عن حالنا وعن الناس. بنحاول نفهمه ونفككه، بنفكر كتير، أوقات بزيادة صراحة، وأوقات ما بنفكر حتى، ويا بتصيب يا بتخيب. 

هاي كانت الحلقة العاشرة والأخيرة من الموسم الرابع من بودكاست "عيب" من إنتاج صوت.

غيّرنا أسماء الشخصيّتين حفاظًا على خصوصيتهم.

إذا بتحبوا تعرفوا أكثر عن الأغاني والموسيقى اللي طلعت معنا، بتلاقوا معلوماتها بالوصف المرافق

هاي الحلقة من إعدادي وتقديمي أنا فرح برقاوي، مونتاج ماهر الملّاخ، وتحرير تالا العيسى.

شارك في إنتاج الموسم الرابع من "عيب" كل من صابرين طه، وتيسير قبّاني، وآية علي، ومرام النبالي، وجنى قزّاز.

وأشخاص كتير من أصحابي ودوائري مش رح أقدر أوفيهم حقهم بالشكر والامتنان.

بتقدروا تسمعوا كل حلقات بودكاست عيب على أي تطبيق بتفضلوه لسماع البودكاست. دوّروا على عيب أو EIB من "صوت" سواء على أبل بودكاست، جوجل بودكاست، ساوندكلاود، سبوتيفاي، وستيتشر وغيرهم. 

مع السلامة