صوت من فلسطين المحتلة: الهوية في مرمى الـ"م-16"

صوت من فلسطين المحتلة: الهوية في مرمى الـ"م-16"

قد يكون التمتع بالجنسية ضرورة وحلاً لكثير من المشاكل، ولكنها بالنسبة إلى مصطفى كانت معضلة، حيث ترغمه...

نص الحلقة

خرائط اللامكان

الحلقة الثامنة:

احنا تربينا كأنا جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني

أنا مش رح أكون الوقود لنار حروبكم

في معظم الدول بتفرض الحكومات على المواطنين واجبات مثل دفع الضرائب والالتزام بالقانون، مقابل إنها توفرلهم الخدمات وتضمن حقوقهم. هاي المعادلة المعتمدة بكل البلاد بس شو بصير لما تطلب الدولة من المواطن انه يرفع سلاح ضد شعبه؟ 

معكم تالا العيسى من بودكاست "خرائط اللامكان" الي بتناول قضية فاقدي الجنسية في العالم العربي. بالحلقات السبعة الأولى حكينا عن أهمية الجنسية والمشاكل التي بتنتج بغيابها بس اليوم رح نتطرق للموضوع بالعكس. رح نسأل كيف ممكن الجنسية تشكل أحيانا عبء على حامليها. ورح نحاول نفهم الفرق ما بين الجنسية والهوية. خليكم معنا لتسمعوا صوت من فلسطين المحتلة 

من لما يصير الواحد عمره 16 17 دولة إسرائيل بتبعتله مكتوب أمر مثول في مكاتب التجنيد فأنا طبعا كأي شب عربي درزي وصلني هذا الأمر 

هيك بكون اجا اليوم ليتواجه مصطفى مع الواجب الي بتفرضه عليه جنسيته الإسرائيلية: الانضمام إلى الجيش.المثول في مكاتب التجنيد هي الخطوة الأولى من عملية التجنيد الإجباري في ما يُسمى بدولة إسرائيل.  

أنا قلت بدي أنزل أشوف وش في هناك بدي أتفرج أتعرف عليهم شوف شوفي عنهن يعني. فنزلت عملتلهم أكم مشكلة صيحت طبعا قلتلهم أنو انا مش راح أخدم مش راح أكون جزء من جيشكم

إذن الخدمة العسكرية حسب القانون الاسرائيلي واجب المواطن الدرزي اتجاه الدولة، ولكن بالنسبة لمصطفى هو فرض بتعارض مع مبادئه. مصطفى قدر انو ما يخدم بالجيش بس قبل ما نعرف كيف رح نسمع من  المحامية هدية كيوف عن القضية من بدايتها. هدية إحدى مؤسسي حراك "أرفض شعبك بيحميك" المناهض لتجنيد الدروز في جيش الاحتلال 

القانون خدمة الأمن اللي سن بال49 يعني بعد بسنة من لما أقيمت دولة إسرائيل أو الاحتلال. القانون مكتوب فيو انو كل مواطن معاه جنسية اسرائيلية وصل لجيل ال18 مجبور للخدمة العسكرية و فش هناك ولا أية استثناءات يعني مش مكتوب هناك انو العرب مستثنيين أو انه الدروز مستثنيين أما شو في هناك بند اللي بيعطي الصلاحية لوزير ما يسمى بوزير الأمن انو ما يبعتش أوامر تجنيد لفئات معينة فيعني اللي صار انو كان في قرار اداري من قبل وزير الأمن انو ما يبعتش بالأساس أوامر تجنيد لكل الفلسطينيين يعني عم نحكي عن سنة 49 كل الفلسطينيين بما يتضمن الدروز مكنوش يبعتولهن أوامر تجنيد 

ولكن بالرغم من إعفاء العرب، اسرائيل حاولت تشجعهم للانضمام لجيشها. وبال49 أُنشأت  وحدة الأقليات بالجيش لاستقبال المتطوعين غير اليهود. ووعدت اسرائيل العائلات الدرزية بتسهيل دخولهم إلى اراضي زراعية، في حال تطوع الشباب في وحدة الأقليات. 

ضل التجنيد تطوعي لحد ال1956 لما انعقدت اتفاقية  ما بين دولة إسرائيل و 16 قيادي دُرزي. نصت الاتفاقية على ضم الدروز الذكور للخدمة الإلزامية. تدعي الرواية الإسرائيلية انو الدروز هم التي توجهوا لإسرائيل بطلب إخضاع الطائفة للتجنيد ولكن المحامية هدية  أوضحتلنا الجانب الآخر

اللي صار انو المؤسسة الصهيونية حاولت انو تقنع الرئيس الروحي ان ذاك  الشيخ أمين طريف انو يوافق على التجنيد الإجباري لأ هو رفض بشكل قاطع بالعكس حتى حذر من تأثيره على التسريع في عملية ذوبان الشب الدرزي، ومن تأثير التجنيد على دروز سوريا و لبنان

شو عملت المؤسسة الإسرائيلية ؟ صارت تشتغل على عزله سياسياته وهددته أنو تنفيه خارج البلاد وحاولت بالتوازي تكسب ود الشيخ صالح خنيفس كيف ما حكينا هو كان مع المؤسسة العسكرية ومؤيد كل سياسيات إسرائيل

إذن بحسب هدية ما نتج قرار التجنيد من اتفاقية معتمدة بل فرض بقوة تحت تهديدات ورشاوي مارستها الدولة على الدروز. ما بتنكر المحامية وجود قياديين دروز أيدوا هاي الخطوة من البداية حفاظاً على مصالحهم الشخصية وبالتالي كانوا سبب في إنجاح سن القرار. 

الهدف الأساسي من فرض التجنيد الإجباري كان "فرق تسد". يعني يفصلوا الدروز عن باقي الفلسطينيين عشان الفلسطينيين يصيروا يطلعوا على الدروز كخون من جهة وحدة وعشان انهم يعززا هوية منفصلة للدروز عن باقي الفلسطينيين 

التجنيد الإجباري كان إحدى وسائل الدولة لتفريق الدروز عن الفلسطينيين. من ضمن الوسائل الأخرى التي اتبعتها اسرائيل هي تحويل مفهوم الدروز من طائفة عربية إلى قومية مُستقلة تماما. يعني على الهوية صار في تمييز واضح بين الدروز والعرب كفئتين منفصلتين.

أما بالستينات لما لاقت الدولة معارضة درزية ضد التجنيد أقامت لجنة لحل الأزمة وبدء صناع القرار والسياسيين يحللوا جذور المشكلة من ضمنهم أمنون لين التي توصل للنتجة التالية:

لقدْ فشلتْ الدولةُ الإسرائيليةُ في استغلالِ ومواكبةِ التغيراتِ التي طرأتْ على الشبابِ الدرزيِّ بعدَ إخضاعهمْ للتجنيد.. ولمجابهةِ التعريبِ الظاهرِ عندَ الشبابِ الدرزيّ.. علينا خلقُ هويةٍ درزيةٍ إسرائيلية". 

إحدى أهم الوسائل التي استخدمتها الدولة لخلق "هاي الهوية" كانت تغيير مناهج التدريس، فأصبح بال 75 في منهاج خاص للدروز بيختلف عن المنهاج الفلسطيني قدمت الدولة من خلاله خطاب جديد جعل الطلاب ينظروا لنفسهم كإسرايليين بدل عرب

انو الهدف من فصل المناهج التدريسية كانت انو ينموا هوية مُختلقة عند الشباب الدروز اللي هي الهوية الإسرائيلية الدرزية عشان ما يشككوش ما يقعدوش يفكروا بينهم وبين حالهم ليش انا لازم أخدم 

بتشعري انو نجحوا الإسرائيلية بانهم يمثلوا الدروز كخونة بنظر العرب؟  

في نوع من الكراهية أو عدم المعرفة عن الدروز والاشي مش بس من ورا سياسات التجهيل. شو بتعمل اسرائيل؟ بتحط الدروز اللي اتجندوا في الجيش أو اللي كملوا يخدموا مثلا في الشرطة أو في كل أذرعة الأمن بتحطهم في نقاط الاحتكاك يعني مثلا بتحط الدرزي على الحاجز يعني مش اليهودي بتحطه على الحاجز بتحط الدرزي على الحاجز ليش؟ عشان تورجي للفلسطينية انو مين اللي عم بمنعك تفوت عبلادك الدرز هو اللي عم بمنعك. أو وين بحطوهن الدروز؟بحطوهن كمستعربين يعني هو اللي بعتقلك بحطوهن في التحقيق اللي هو كمان اللي بحقق معك . بحطوهن كسجانين في السجون يعني هو كمان اللي بسجنك و هاي مش عبث هاي سياسة متعمدة اللي بتستخدمها اسرائيل عشان تزيد الكراهية ما بين فئات الشعب الواحد وتفتته و تشرذمه وتقسمه وتضعفه إلى آخره 

في 4 مسارات ممكن عن طريقها ينعفى الشخص المجبور انو يتجند. المسار الأول هو اللجنة الضميرية التي بتعفي الأشخاص القادرين يثبتوا انهم مسالمين وما بمسكوا سلاح لدواعي إنسانية

اسا شو المؤسسة العسكرية الاسرائيلية كيف فسرت الأسباب الضيميرية هي من ناحيتها الأسباب الضميرية هي بس الأسباب السلمية و مش الأسباب السياسية. إن كان يهدوي إن كان عربي عربي درزي راح وقال لهاي اللجنة انو انا بديش أخدم في الجيش بسبب الاحتلال بقولوله لأ بالنسبة النا هاي مش أسباب ضميرية هاي بالنسبة النا أسباب سياسية. وهاي مش أسباب تخليك تاخد اعفاء عن طريق هذا المسار.

الحصول على الإعفاء عن طريق هذا المسار كتير صعب لأنه بيتطلب شخص واثق من نفسه وقادر يقنع اللجنة المكونة من عناصر جيش و أكاديميين انه هو سلمي. عادة بتم منح الإعفاء للنساء اليهوديات عن طريق هذا المسار. أما المسار الثاني فهو التدين. 

واذا كان الشب متدين فهو لازم يثبت للمؤسسة العسكرية انو هو متدين وكيف بيثبتلهن انو هو متدين على فكرة الاشي مش هوين الاشي كتير صعب. لمدة 5 سنين من جيل ال18 كل سنة لازم يروح عند الإمام تبع القرية الي لازم يمضيه على ورقة الي بتقول انو هو شب متدين وانو هو ملتزم بالفراض الدينية و انو هو بروح على الخلوة اللي هي مكان العبادة تبعت الدروز ومش بس هيك لازم يروح على جولس عند الرئيس الروحي اللي هو ساكن في جولس ويمضيه على نفس الورقة.

المسار الثالث بشمل لجنة عدم ملائمة بتيح للجيش الصلاحية انها تعفي اشخاص مُعينين لأسباب خاصة. أما المسار الرابع و الأخير هو اللي اتبعه مصطفى 

طبعاً مع الوقت صار في مشاكل صار في أزمات نفسية صار في عدة ضغوطات تعليمية منها تمنها نفسية منها إجتماعية كتير غلبتني و بالآخر تم إعفائي بشهادة مجنون وانو أنا مجنون وبكل بساطة بقدرش ياخدوني على جيش الإحتلال الإسرائيلي لأنه أنا كوني موجود هناك  هن رح يتحملوا مسولية كل فعل أنا بفعله وأنا بحسب ما عندي أنو أنا مجنون

المسار الطبي واللي بيتقسم لأسباب ج  سدية أو نفسية هو المسار الأقل صعوبة مقارنة بباقي المسارات خاصة الشق النفسي منه ولكن بيتطلب إثباتات 

اسا انو شب بدو يطلع عن طريق المسار الطبي و بالأخص النفسية فمجبور ييجي على مكتب التجنيد وهو معاه تقرير طبي من اخصائي نفسي لازم يكون مفصل لازم يكون مشروح فيو عن الخلفية تبعت الشب وعن الاضطرابات النفسية او الأزمة النفسية اللي هو عم بمر فيها بالوقت الراهن

فبجيبو الشب للتقرير الطبي و بيطلب يقعد مع أخصائي نفسي اللي تابع لسلطات الجيش  اللي هو عادة بكون جندي 

و طبعا الأخصائي النفسي تبع الجيش ببلش يساله أسئلة عشان  يتأكد اذا كان الانسان القدامه عم بمثل عليه لا مش عم بمثل عليه

وفي كثر مستعدين انهم يمثلوا ولا يخدموا بالجيش، يعني بالنسبة الهم يكونوا مضطربين نفسيا أفضل من انهم يخدموا بجيش الاحتلال.

وبينما في جزء من الدروز بيعتبروا الخدمة في الجيش الاسرائيلي واجب للدفاع عن وطنهم، مصطفى وأمثاله بشعروا انهم لو خدموا بكونوا بعملوا العكس تماما؛ بكونوا عم يخونوا وطنهم.

في عندك القسم المضحوك عليه. 

في ناس اليوم بتعد حالها جزء لا يتجزأ من الشعب الإسرائيلي

في قسم بروح لأنه فش اشي يعمله بقول انا أروح هلأ أنحبس ولا كيف. خلص بروح كلها 3 سنين و بمضيها ما عنديش حل تاني بدي أكمل حياتي بدي أتعلم. في قسم اللي متلنا لا بيرفض رفض قاطع يكون جزء من جيش الاحتلال كونا أبناء الشعب العربي الفلسطيني اللي بنقدرش نكون أعضاء لجيش قمع شعبنا 

كنا معكم من الإعداد والتقديم تالا العيسى ومن الهندسة الصوتية محمد حجازي.