الحلقة الثالثة

الحلقة الثالثة

Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.

نص الحلقة

الحلقة الثالثة

كيف نعيد إنتاج كون كونا فيه انسان هزمناه روحيا؟ جوفناه عقليا؟ جوفناه انسانيا؟ 

" كلما هُزم الإنسان العادي وتم إخراجه من العملية السياسية، وعدم تكوينه كفاعل تاريخي قادر على اتخاذ القرارات من أجل تغيير الأسس اللي بتعيد إنتاج حياته، بنلاقي انه الامور رح تسوء من أسوأ لأسوأ".

وخدمة القرض وإنتاج الديون الدولة هو عامل إيجابي طالما كان عامل اجتماعي وانتاجي ليس عامل خاص كما عندنا في الدول العربية لأنه هنا الدولة تقترض لطبقة تحكم. 

بمجرد ما تفتح سوق التجارة وسوق النقد وانت صناعاتك ضعيفة مقارنة بغيرها يُقضى علينا وهذا ما جرى بطبيعة الحال.

اهلا بكم الى الجزء الثالث من هذا البودكاست وهو عبارة عن حوار مع المفكر الاقتصادي على القادري

هذا الجزء، سيتناول الحوار مرحلة بروز الثنائية القطبية عقب الحرب الكونية الثانية ممثلة بالرأسمالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة من جهة، والاشتراكية التي حمل لواءها الاتحاد السوفييتي من جهة ثانية. 

كما سيتطرق الى أثر تلك المرحلة على تركيبة واوضاع اقتصادات عالمنا العربي ودول العالم الثالث عموما، وما تلاها لاحقا عندما تفرد الغربي بالهيمنة على العالم عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، ثم ظهور الصين اخيرا كقوة اقتصادية جبارة بدأت في خلخلة موازين القوى الراهنة..وبما قد يتيح نافذة لتغير هذه الموازين يصب في صالح الشعوب التي ارهقتها التبعية للغرب الراسمالي وبما افقدها القدرة على اعادة بناء مستقبلها وفقا لاسس سيادية.

افرزت الحرب العالمية الثانية ثنائية قطبية تمثلت في الولايات المتحدة التي هيمنت على فضاء الراسمالية، والاتحاد السوفيتي الذي رفع علم الاشتراكية.  لكن التجربة السوفيتية لم تلبث ان انهارت لعوامل بعضها تأسس حتى قبل قيام الاتحاد، ما أخلى الساحة لاحقا للراسمالية، فتفردت بالعالم وعملت على اعادة صياغته وفقا لمصالحها.

اذا بدنا نحكي عن احدى اهم الاسباب لسقوط الاتحاد السوفييتي التاريخية اذا بدنا نضع انفسنا في الصورة في سياق تاريخي، في جدل التاريخي التواصل والتقاطع في التاريخ، هي التدمير النازي للاتحاد السوفييتي. هذا لا يمكن انك انت تقضي على بلد بالشكل الذي قضيت عليه ، يعني ان تقتل 27 او مدري قديش مليون نسمة، ربع السكان او عشر السكان وتدمر البنية التحتية كلها وبعدين تيجي تقوله، تأتي وتقول للبلد انهض. مستحيل كان النهوض!

أمريكا خرجت من الحرب العالمية الثانية اكبر قوة اقتصادية في العالم. فمن الطبيعي ان يكون التحول. ويقال ان استالين كانت الصورة واضحة ومات مكتئبًا، يعني الى حد كبير مقتنع انه ممكن كان ان يدمر بقنبلة نووية

قبل ان يسقط الاتحاد السوفييتي. فطبعًا في دراسات بتحكي هالشي.

اذا افترضنا نحنا مثلا بلد صغير مثل بينن ولا توغو ولا شي واعطيناهم الاستقلالية الكاملة انه تعمل....هي بتنطلق من نقطة ما تحت الصفر تنمويًا ولحتى توصل لنقطة الصفر بدها سنين ضوئية مثلا من غير مساعدة. والمساعدة ضرورية، وليست هي مساعدة وليست هي شفقة انما هي حق للانسان بوجوده الاجتماعي. ويجب دائما التركيز على مسألة الحقوق لأنه الانتاجية اجتماعية وليست فردية ليس وجود للفرد لكي تكون الاجتماعية فردية اساساً.

ربما ان اهم الادوات التي استخدمتها الراسمالية لتكريس ايديولوجيتها وتعزيز سطوتها، هي المفاهيم التي عملت على نشرها وفرضها في العالم. كالسوق الحرة والديمقراطية وحقوق الانسان، كما تقدم دائما صورة الرفاه ومستوى المعيشة اللذين يتمتع بها مواطنوها كمثال على نجاح نموذجها، وبالفعل، افلحت في اقناع الدول بان لا سبيل للنجاح في عملية التنمية واعادة بناء ذاتها سوى عبر التبعية والانسياق لتلك الايديولوجية.

أظن أن العمل.... اعادة بناء اي دولة بمعزل عن تغيير كوني في الايديولوجية السائدة يعني في المفاهيم، يعني الحكم الرشيد الديمقراطية الفساد وفساد الشخص والفرد هو بيكون الانتاجية، وهذا شاطر وهدا مش شاطر وهادي مرة اذا تزوجت وبدها تقعد بالبيت تربي الاطفال لانها غير منتجة بالقيمة السعرية وهيك.

يجب قلب كل هذه المفاهيم اللي هي اساس العلاقة الاجتماعية هي مفاهيم بالاخير، مفاهيم تطبق. 

تركيب الفئة، تركيب المفهوم كفئة له علاقة في التجربة واعادة صياغة الفئة من خلال التجربة لاجل قلب الواقع. هادي أمور لازم تكون بديهية! بس لكن تبسيط الايديولوجية السائدة دائمًا بتبسط، تعطي نصف الحقيقة. نحن لم ننجح لاننا لم نتبع حرفيًا اقتصاد السوق المحرر، لو اتبعناه كان نجحنا، هذا حكي سخيف! ما حدا فيه يتبع اقتصاد سوق مجرد بالمطلق لأنه هدا غير موجود.

حتى امريكا فيها ضمان اجتماعي، وضمان شيخوخة وضمان صحي وكل ما هو ناجج او ناجح في الاقتصاد الامريكي هو نوع من الاشتراكية. لو نظرنا للمجتمعات الاوروبية الانجح ألا وهي المجتمعات الشمالية، ما هو ناجح فيها وسبب نجاحها وسبب ديناميكيتها هي التركيبة العمالية الاجتماعية التي تراعي مشاعر وحاجات الناس وانسانية الانسان.

ف رغم ارتباطها الوثيق في التركيبة الامنية الامبريالية وهذه ليست نتائجها انما هذا ريع امبريالي. في الاخير كل ما هو مكون في الغرب وتكوين الاجور في الغرب هو الريع الامبريالي ل 500 سنة من الاضطهاد الرأسمالي للانسانية.

بالفعل، لا ينبغي ان يغيب عن الذهن ان ثراء الراسمالية الاميركية الاوروبية قد انبنى في جزء كبير منه على استعمار واستغلال مقدرات شعوب العالم الثالث. بمعنى ان الصورة الجميلة التي تحرص هذه الدول ان تبدو عليها، تخفي وراءها في الحقيقة قبحا لا تريد ان يتذكره او يراه الاخرون.

فيجب رؤية الحقائق على ما هي. ليس الكوخ في افريقيا هو القبيح وليست الملاريا في افريقيا هي القبيحة. القبيح هي مبنى وزارة الحرب في لندن، هذا اقبح ما في الارض. ومتحف لندن المليء بجماجم السكان الاصليين من استراليا لأنهم كانوا يظنون انهم من صغر جماجمهم هم اقل ذكاءً من الانسان الابيض.

إن هذا الفكر المستمر، هذا الفكر العقيم القبيح نتاج لمنظومة ثقافية هي بحد ذاتها الثراء الغربي. لما نحكي عن الثراء الغربي لا نتكلم عن أنهم عندهم ملايين الدولارات ومليارات الدولارات وهم يشكلون نصف الداخل الناتج القومي الاجمالي الكوني. هذا ليس الثراء الحقيقي، الثراء الحقيقي هي سلطتهم، السلطة الفكرية التي يمارسونها في تغييب القبيح والجميل في صيرورة العلاقة الراسمالية.

يجب رؤية الامور على حقيقتها. وهذه هي القيمة المضافة التاريخية، شوي شوي عملوا مصاري وعملوا افكار. ومتل ما عملوا مصاري وكدسوا مصاري كذلك كدسوا افكار. وافكار غسلت رؤوس العالم. شو يعني اقتصاد سوق بدنا نحرره؟ مهي مش موجودة وين ما كان اساسا مستحيل. الاقصاويات، بداية نهاية وسط نقطة على السطر، هاي هي اشياء منطقية تحليلية غير موجودة.

قد لا تكون الصورة قاتمة تماما، فخلال السنوات الاخيرة بدأت انظار كثير من الدول تتجه بتفاؤل الى الصين، القوة الاقتصادية الصاعدة، باعتبارها المرشحة لكسر الاحادية القطبية، وبما يتيح هامشا للشعوب المسحوقة من اجل اعادة بناء اقتصاداتها على اسس سيادية وخارج نطاق التبعية المفروضة عليها قسرا للاقتصادات الاميركية والاوروبية.

هذا الامر ادركته الراسمالية الغربية مبكرا، وهي بالتالي ترى التجربة الصينية ذات الطابع الاشتراكي بمثابة تهديد وجودي.. وعمليا هناك الان حرب باردة يجري شنها ضد الصين للقضاء عليها او تحجيمها على الاقل.

عملية تبسيط الانسان، انه كل اشي بينفهم بطريقة بسيطة، هي الدماغوجيا تبع الفاشية. انه خود نص الحقيقة ونص الحقيقة كذب دائمًا. فيجب اعادة النظر في تركيب المفاهيم ونحن الان عنا فرصة لدى الانسانية مع صعود الصين. بغض النظر، اكيد 80% من الاقتصاد الصيني مملوك للدولة ويعتبر اقتصاد اشتراكي. وعندها كمان الصيين سبب لنجاحها هو ضبطها، حساب رأس المال.

ومسألة دائمًا، لما بروكنز يطالب دائمًا بفتح رأس المال في الصين كي تسرب الموارد كي يختزل البلد لهيكل عظمي ويتفكك. المقصود من هذا افتح رؤوس الاموال فالمستثمرين الممولين الكبار سيهربون الى الدولار مثلا، وبعد ان يتحلل الاقتصاد، المقصود هو التدمير. لذلك بروكنز معظم السينج تايمز الامريكية تطالب دائمًا ارفع حساب رأس المال مثلا.

وسبب نجاح الصين هو الضبط، التقييد حساب رأس المال. وتوجيه رأس المال لعمليات انتاجية في الداخل والخارج. فنحن امام فرصة تاريخية انه الصين سدس الكون، قارة قائمة في ذاتها وانتاجيتها عالية جدًا، وهلق تقنيًا صارت سباقة الى حد كبير وهي تمتلك الدورة السلعية النفعية، يعني هي اللي تعيد انتاج الانسان كونيًا حقيقيًا. يعني هي اللي بتعطيه الطعام والشراب والماكنة والى ما هنالك.

الصين تمتلك دورة السلعة النفطية تقريبا بالعالم كله لأنه هي المنتج الرئيسي للعالم ولا تتحكم للان بالدورة النقدية يعني لا تنقد دورتها السلعية بنقدها. وهذه مشكلة لكنها تتطور مع الزمن، نحن نعلم ان الصين لديها اكبر مخزون ذهب في العالم وعندها ما هو موازي لسويفت، ما هو موازي للبنك الدولي، وعندها نوع من المنظومة الرأسمالية الاشتراكية الممتدة من اسيا الوسطى لاوروبا.

انتهجت الصين اقتصادا مختلطا يمزج بين عناصر من الاشتراكية والرأسمالية، وبنسب أملتها خصوصيتها وظروفها الذاتية وكذلك ضرورات عملية التنمية الممتدة التي قامت بها منذ الثورة الشيوعية وأحرزت نجاحا مذهلا. وكانت بهذه الصورة برهانا حيا على أنه ليس في الاقتصاد اشتراكية مطلقة أو رأسمالية مطلقة كما هو متصور..

ف يعني الصين الان في حيز تمكن نفسها من انه تتحكم بالدورة النقدية. يجب علينا ان نعيد تقييم ... بمجرد ما قويت الصين، طبعا هلق العالم كله صار عارف انه الصين صارت قوية، ما عاد فيه امريكا، رح تسقط الغشاوة عن عيون العالم شوي شوي. هلق في فرصة تاريخية انه شعوب العالم التالت انه تعيد بناء تصورها للتحول، لانه المشكلة في تصور التحول، في المفاهيم، في تركيبة المفاهيم، انه نخلي الانسان مش بسيط.

الامور مش والله اذا صرنا اشتراكية كلنا رح ناكل نفس الاكلة ورح نلبس نفس اللبس، هيدا مش حكي!واساسا فش اشتراكية هيك، واذا صرنا رأسمالية كلنا بنصير نبيع ونشتري وتجار ومنتجين وهيدا مش حكي. عمومًا الواقع هو عملية تحول ضمن هذه الاقصويات التي لا تتحقق، الحد الاقصى لا يتحقق، لانه حق تجريدي، الاقصى تجريدي او اقصى ميتافيزيقي غير موجود. يعني نحن نضعه فقط للتوضيح وليس الا. بمجرد ما صدقت العالم انه الحد الاقصى موجود أكلنا هوا، يعني العالم مهبلة عالاخر.

عملت فصل واحد بكتابي الاخير الحزامي الواقعي عن صعود الصين وازمة التنمية في العالم لانه دايما العالم مأزوم تنمويا، بس من قراءاتي اه طبعا في تطور مطرد، يعني هلق مثلا الصين تنتج 3 ملايين مهندس ثانويًا، تنتج اكثر اوراق ابحاث ثانويا في العالم، لديها اكبر 5 مصارف في العالم، يعني اكبر 5 شركات بالعالم، كلها صينية بتطلع بالأخر. ف تحول الكون، فعليًا تحول الكون.

قد يبالغ البعض بقوة الاقتصاد الصيني حاليا في موازاة نظيره الاميركي، فيما يسرف اخرون في الحط والتقليل من شأنه، ويعطون انطباعا عنه بانه طفرة لن تلبث ان تخبو امام جبروت اقتصاد الولايات المتحدة الذي يتمتع بالديمومة لاتباعه النهج الليبرالي الراسمالي. ونجد كثيرا من الابحاث والدراسات المتضادة في هذا الشأن، حتى اصبح ادراك الواقع صعبا بعض الشئ.. 

يعني كيف ممكن انك تستدرك هدا الشيء؟ مش من الابحاث الاكاديمية لانه الابحاث الاكاديمية تكذب. بدك تروح على مكاتب التجارية ومكاتب مداولة السندات ورأس المال وكذا والمضاربة على البورصات. هؤلاء بيعطوك الضوء يلقوا الضوء على قديش امان السوق النقدي والسوق التجاري للاستثمار في الصين وكم هو حجمه. ومن هون يمكن ان ترى بسهولة انه صار ضخمة الى حد كبير. يعني تقريبا ميزان الكوني صارت.

هلق بالنسبة للتطور التقني، في تطور تقني عالي جدًا. في بعض المجالات صاروا سباقين على امريكا، مثلا صاروا يعلموا... بمجرد ما دخلوا في قصة الهندسة الطبية صار في نوع من القرنيات البشرية، معاد الجراحة بدها قرنية. يعني في تطور خيالي.

الشي المنيح اللي اخترعوه هو السوبر سونيك، لانه كانوا الامريكان في دراسة بتقول انه كان عنا فرصة سانحة انه نضرب الصين نوويًا نقتل بس مليونين او 3 ملايين صيني بس بندمر مراكز اطلاق الصواريخ الصينية وفي عدة دراسات بتحكي عن هالفرصة النووية، يعني قبل ما الصين تستبق بالخمس سنوات القادمة وتصير قادرة على اطلاق صواريخ علينا بسرعة.
 

الى هنا نكون وصلنا الى ختام هذا الجزء من البودكاست الذي نحاور فيه المفكر الاقتصادي علي القادري، على أمل اللقاء بكم في الجزء التالي، 

والذي سيتناول الأسئلة والهواجس المتشعبة التي تنطوي عليها احتمالات التغير في موازين القوى لصالح الصين: فهل سيصب التغير في مصلحة دول العالم الثالث التي فقدت القدرة على اعادة بناء نفسها كنتيجة لتبعيتها إلى الرأسمالية الغربية؟، ام ان الأمر لن يعدو في واقعه أفولا لقوة عظمى في مقابل بروز قوة عظمى أخرى بديلة لن تلبث أن تعيد إنتاج الأساليب السابقة في فرض الهيمنة لاستغلال الشعوب ومقدراتها ومواردها؟.

كما سيعرج الحوار على المخاوف حيال مصير الديمقراطية وحقوق الانسان، إذا ما سعت الدول الثالثية إلى محاكاة التجربة الناجحة للقوة الجديدة بنموذجها الشيوعي، والذي له مفهومه الخاص لتطبيق الديمقراطية.

وأيضا احتمالات تحول المواجهة الاقتصادية الى صراع عسكري مباشر بين الولايات المتحدة والصين، وبما قد يؤدي الى نتائج مدمرة لن تكون دول العالم الثالث في منأى عنها، بل ربما تكون الاشد تأثرا بها.

طبتم اوقاتا، والى ذلك الحين،