ربى الجمال

ربى الجمال

في بودكاست "دُمْ تَكْ" لمعازف ومنصة صوت بنروي سيرة فنّانات عربيّات، موهبتهم جابتلهم وجعة راس بحياتهم...

نص الحلقة

ربى الجمال

رح نحكي عن مطربة بتحتل مرتبة قريبة من القداسة عند كتير من اللي بحبوا الطرب القديم، طرب أم كلثوم وأسمهان ونجاة الصغيرة. طرب الستينات اللي رجعته ربى الجمال، بطلة هاي الحلقة، لجمهور مشتاق استقبله بلهفة في التسعينات. 

بالرغم من كل المدح يلي تلقته ربى، كتير من اللي كتبوا عنها بعد مماتها أجمعوا إنها ممكن تكون أفضل مطربة أخدت أقل حيز من اهتمام وتقدير العالم يلي عاشت في. بس ليش؟ 

*****

مرحبا فيكم ببودكاست "دم تك" لمعازف ومنصة صوت. أنا رنا داود. بهالبودكاست منروي سيرة فنّانات عربيّات، موهبتهم جابلتهم وجعة راس بحياتهم، بس أنتجتلنا مخزون موسيقي منروّق نحنا فيه راسنا.

******

رح نبدأ هالقصة من نهايتها. في ١٣ آذار ٢٠٠٥ وصلت ربى لحفل بدمشق لإطلاق ألبومها الثاني، ليالي العمر. كانت لابسة فستان بلون الفاتح، وشعرها أسود مرفوع عن وجهها يلي بان عليه أغلب الوقت الانزعاج الواضح من أداء الفرقة. وكان آخر مقطع غنته بيقول: "هالدمعة قسمتنا مكتوبة ع الميلاد/ شمعة ورا شمعة عم تنطفي وتنقاد".

توجّهت بعده إلى غرفتها في الفندق ونقلوها عالمستشفى على أثر نوبة عصبية، ولحقها بعد كم يوم الجلطة الدماغية. 

في غرفة بواحد من المستشفيات في ريف دمشق عام ٢٠٠٥ استلقت ربى الجمال، المطربة اللي ناداها النقاد والفنانين بألقاب مثل أعلى صوت نسائي في العالم وصاحبة أفضل صوت نسائي في الوطن العربي والصوت الكامل. بهديك اللحظات وبهداك المستشفى اختفى الصوت الكامل.

لما زارتها صديقتها بأيامها الأخيرة، قعدت ربى جمبها، ايديها على ركبه ا، اطلعت فيها وحاولت تغني. بصعوبة قدرت ربى تطلع كم نوتة من جسمها المريض وكأنها بتعانده وبتحكيله، "رح أطلع آهاتي وأوجاعي بالغنا حتى آخر ثانية."

بعد يومين ربى ودّعت العالم. مشيت في شوارع دمشق جنازة ما بتتعدى العشرين شخص لترافق زوفنار خجادور قرةبتيان - وهو الإسم الأصلي لربى - اللي نقلت إلى مثواها الأخير إللي ما كان إلا عبارة عن قبر مقدم من جمعية خيرية أرمنية بعد رفض عيلتها إنو تندفن بمدافن العيلة لأنه طريق الفن ما كان على ذوقهم. ورقة النعوة اللي كانت منتشرة في شوارع دمشق بإسم زوفنار كانت آخر فصل بحياة ربى الجمال يلي انطفت بسرعة. في معلومات بتقول إنها ما كمّلت الأربعين سنة لمّا ماتت.

*****

خلّينا نرجع شوي بالوقت لمّا ربى كانت زوفنار. خلقت زوفينار من أب من أصل أرمني وأم لبنانية. بسوريا، بحلب تحديداً، عاشت زوفنار أهم محطات حياتها، منهم موت أمها وانتقالها لتعيش بميتم هي وأختها بعد زواج والدها. بعدها بفترة بسيطة، انتقلت زوفنار لدير راهبات الوردية في عمّان. هناك كانت بداياتها مع الموسيقى يلي تعلمتها على يد أستاذ روسي كان معجب بخامة صوتها لدرجة إنو استمر بتعليمها من غير مقابل بعد ما تركت دير الراهبات. بفضله بدأت ترتّل بكورال الكنيسة وتعلّمت الغناء الأوبرالي الغربي.

بعدها رجعت زوفنار على سوريا بسنة ١٩٧٩. انبهرت الناس فيها من أول طلعتها بإذاعة دمشق، وانعرفت بإسم "ربى الجمال"، مغنية السوبرانو حادة الملامح واللي بتجمع بصوتها وقار أم كلثوم وأنوثة أسمهان. في هديك الأيام، قال عنها صميم الشريف المؤرخ والناقد الموسيقي الكبير إنها أهم صوت سمعه بآخر خمسين سنة. 

هالصوت الأوبيرالي كان إله القدرة على الإحاطة بأكثر من أربعة عشر مقام موسيقي.

بس بأوّل الثمانينات، انتقلت ربى، بنت العشرين، لباريس. اللي كانوا حولها فرضوا عليها دراسة الطب مع إنه قلبها كان يميل للموسيقى.  في معلومات بتقول إنه كانت تداوم كمتدرّبة بمستشفى بالنهار وتغنّي بالفنادق بالليل، لحد ما سمعها مدير الأوبرا الفرنسيّة ومن هنيك بلّش مشوارها العالمي الحقيقي من باريس.

بباريس، فازت ربى بأول جائزة إلها بالغناء، جائزة ماريا كالاس، وأخدت المرتبة الأولى قدام أكثر من ثلاثين صوت نسائي أوروبي متميز. وبهداك اليوم نالت ربى لقب أفضل صوت قرار سوبرانو لتغني بعدو على أهم مسارح العالم مثل اليلدزلار والكونكورد.

تزوجّت ربى بأوّل عشريناتها واستمر زواجها لخمس سنين تقريبا. ما منعرف هوية زوجها ولا سبب انتهاء الزواج، بس منعرف إنه هالزيجة نتج عنها "رامي"، إبن ربى الوحيد اللي أنجبته بلبنان هي وعمرها ٢٤ وضل مرافقها لآخر لحظات حياتها. في ناس بيقولوا إنّه فشل هالعلاقة الزوجيّة انعكس على صحتها النفسية.

ببداية التسعينات انعرف صوت ربى واسمها بعد عودتها للوطن العربي.

بدمشق مثلًا، غنت قصيدة "لماذا تخليت عني" بأسلوب طربي مصقول.

القصيدة يلي كتبها نزار قباني ولحنلها ياها سعيد قطب. في فيديو لهاي الأغنية منشوف ربى واقفة وحدها قدام الكاميرا، مبتسمة وفي راحة بعينيها قليل ما منشوفها بكليبات تانية لربى. 

المرور بمصر كمان كان مرحلة مهمة بمسيرة ربى. بمهرجان الموسيقى العربية الرابع سنة ١٩٩٥، وقفت رُبى عمسرح دار الأوبرا بالقاهرة. والناس عم تستنى تسمع مين هي يلي صوتها يقال عنّه بيشبه صوت الست. 

ضربت عصاية المايسترو سليم سحاب وبعد شوي صدحت رُبى، لتبدا وصلة تاريخية بين إفرح يا قلبي وبكرة السفر ورباعيات الخيام والأطلال واسأل روحك، من السنباطي لزكريا أحمد للموجي. 

بنهاية هاي الحفلة وقف الجمهور يصفق لمحبوبته الجديدة ربع ساعة. يمكن تكون هاي اللحظة هي يلي استطاعت ربى فيها إنو ترسخ إسمها بين كبار الأسماء في عالم الطرب. نعم، ربى غنت أغاني أم كلثوم، لكنها غنتهم بطريقتها الخاصة وكأنهم انكتبوا خصيصاً لإلها.

من الومضات بحياة ربى ما بنقدر ما نذكر حفل تأبين محمد عبد الوهاب يلي طلعت فيه على مسرح دار الأوبرا مع وديع الصافي، لتأدي حوارية مجنون ليلى. لما طلعت عالمسرح، كان معها ورقة فيها الكلمات، شوي تطلع فيها وشوي تستعملها أداة للتهوية مما خلاها محط استخفاف بعض الحاضرين واللي كانوا على الأغلب بترقبوا موقف محرج للمطربة اللي ما حفظت الكلمات وجاية تعبي محل أسمهان. 

غنى وديع ولاطف الجمهور، وبدت رُبى: "ما وراء أبي". بعد لحظة ذهول دوّى تصفيق كبير منحس فيه سؤال: مين هاي؟ حتى وديع ما قدر إلا يعبر عن إعجابه.

لربى في جانب تاني كمان، خلال تسجيل ألبومها الأول "فاكر ولا ناسي" يلي نجح وحبتو الناس، وخصوصاً أغنية "صعّبها بتصعب"، كان سهيل عرفة اللي لحنلها كذا أغنية يشتكي دائمًا من إنها مستهترة وادّعى إنها مدمنة عالمهدئات، وما بتلتزم بالمواعيد وإنه اضطر أحيانًا يحفظها الألحان عالتليفون. حتى الكاتب الكبير اسماعيل عودة، اللي قال إنه اختار شريطين إلها لياخدهم معه عالغربة بس طلع من سوريا، اشتكى من نفس الموضوع. اتهم بعض الناس ربى بالمزاجية، منهم يلي كان بترقب يسمع صوتها لحد ما يكتشف أنها قررت ما تطلع على المسرح بهداك اليوم ويتفاجأ بشي مغني تاني أخد محلها. لكن في البعض الآخر بشوف إنو من الإجحاف بحق ربى إنو نتهمها بالمزاجية أو ندعي انها صعبة لأنها يمكن كانت مدمنة على المهدئات.

من هيدول الناس ابنها الوحيد رامي يلي كان عمره ما تجاوز الخمسة عشر سنة لمّا توفت ربى.

كانت بتجنن، حضورها كان يختصر العائلة كلها بالنسبة لي، لأننا كنا نعيش لوحدنا. كانت سريعة الغضب لكن عصبيتها تزول بعد نصف ساعة”. في مقابلة قديمة لرامي رسم صورة تانية ممكن نفهم من خلالها ربى الجمال أكثر. بالنسبة لرامي، والدته كانت شخصية ولاءها الدائم للمسرح، كانت شخص غير مهتم بالربحية أو الشهرة، بمعنى آخر، ربى كان همها فنها. يمكن كانت ربى بالنسبة لبعض الناس صعبة لكن في نظر ابنها وغيرو من اللي عرفها، ربى كانت شخصية حساسة وحريصة على الكمال في كل شي بتقدمه لجمهورها.

من تعب نفسي دواه الغنا لتعب جسدي ماله دوا. بآخر التسعينات تعرضت ربى لحادث سببلها وجع لا يحتمل بضهرها، واضطرت تاخد كورتيزون لتقدر تتحمل وتغني، واللي خلا شكلها وطلتها يختلفوا بزيادة الوزن، ويلي أثر عثقتها بنفسها وخلى الانهيار أسهل، وأخطر.

بمهرجان قرطاج بتونس سنة ١٩٩٨ قدمت رُبى حفل تاريخي تاني، انكتب عنها بعده: "صوت كلثومي عيار ٢٤"، بس لما نشوف فيديو من الحفل منشوف رُبى ثانية بسبب الكورتيزون، ومنحضر بداية تسرُّب التعب النفسي حتى للمسرح، المكان اللي كان ملجأ رُبى من الدنيا. 

بعد الدقيقة الرابعة من أغنية عودت عيني بالحفل بتوقف رُبى فجأة وبتقول إنه في عفريت مر عالمسرح وإنه العفاريت عم تحاربها، بعدين بتقول إنه العفريت غالبًا قطة، وبتقول كيف بتحب الكلاب وبتكره القطط. بعدين بترجع للغنا بكامل السلطنة كأنه ما صار شي. بس للأسف صار. بطّل المسرح أمان.

سنة بعد سنة زادت وحدة صوت رُبى واللون اللي بتغنيه، القدرة عالتكيف والسلطنة ما عادت مطلوبة من العازفين، مطلوب يقدروا يمشوا عالنوطة بس، والمُطرب بس يسلطن بيبطل يتقيد بنوطة. ويلي بزيد التعقيد أنو ربى ما قبلت تعمل كليبات. 

ببروفا حفل إطلاق ألبومها التاني، وقفت ربى لابسة نضارات سود جنب الملحن لتغني أغنية البداية، حبيبي يسعد أوقاته، وعند أول غلط بتقول للفرقة بعصبية إنهم نسيوا لازمة، وبتدندن اللازمة بصوتها.

 البروفا بلشت بأول أغنية من الألبوم وبعدها الثانية والثالثة بأداءات بتبيّن أديش رُبى بتحب المسرح وبيقيدها الاستديو. "أودعك" كان اسم الغنية الثالثة، وكان فيها كل الحرقة والحزن اللي بيليقوا بالأغنية اللي مهدت لوداع ربى الحقيقي. 

”ضيعولي السلطنة أوف كل ما بدي سلطن بيطيرولي ياها .. قلتلكم أنا من البروفات ما فيي اتحمل” وقفت بوسط الأغنية الرابعة والتفتت عالفرقة لتفش خلقها. من الأول ما ارتاحت للفرقة. صفق الجمهور، يمكن ليواسوها ويقلولها المهم إنتي، ويمكن لأنهم ما فهموا. حتى المايسترو ما التفتلها وكأنه ما صار شي. كملت بجمال ما بيعكس أبدًا شو صاير، وبعد شوي وقفت مرة تانية ورمت الميكروفون وطلعت من المسرح، لبكها الفستان بس كملت ومصممة ما ترجع. 

طلعوا ناس عغرفتها يقنعوها ترجع، وبعد أخد وردّ كتير قبلت تنزل، دخلت عالمسرح ما لقت العازفين، ولا الجمهور. ووقتها انهارت وبلشت تدهور بسرعة. 

في المقطع التالي الفنان ماجد الدين العابدين بحاول يفسر يلي صار بهديك الليلة.

نقابة الفنانين ما قدرت تساعد بتكاليف علاجها، لأنو ما كانت عضو مسجلة بالنقابة. قعدت ربى بمشفى بتقدر تتحمل تكاليفه وضل جنبها وحيدها رامي. ولما راح رامي يجيب شوية تياب لأمه لأنه واضح إنها ما رح ترجع عالبيت بوقت قريب. ما تأخّر كتير رامي، ولمّا رجع، كانت ربى راحت.

أذاعوا أغانيها في اليوم التالي على الإذاعات الرسمية وحكيوا عن حياتها شوي، بس رجعوا لبث باقي البرامج. 

رحلت ربى، لكن على الأرجح لو في شخص حزين بهالعالم، عم يبحث عن أغنية تفرح قلبه، أكيد صوت هالسنونوة، ربى رح يطمّنه كتير. هيدا إرث المطربة التي فقدت قدرتها على النطق.

****

قصة هالحلقة كتبتها نور عز الدين من فريق معازف، وحررتها صابرين طه، ومنتجها تيسير قباني من صوت، وقدّمتلكم ياها أنا رنا داود.

اشتركوا بقناة دم تك على أي وسيلة بودكاست بتفضّلوها. تابعوا بودكاست "دم تك" بالحلقة الجاي لتتعرّفوا على محطّة بحياة فنانة مهمة، اسمها فيروز.
 

رصيد الأغاني بحسب ظهورها:

إن كنت ناسي، ربى الجمال، لقاء من برنامج نغم

حرام كفاية، ربى الجمال

أغنية البودكاست: لما بدا يتثنى، شيرين أبو خضر، دوزان

هالدمعة قسمتنا مكتوبة ع الميلاد، ربى الجمال، من فلم ربى الجمال أغنية لم تكتمل

Oriental Hip Hop, Sick Beat Instrumental ( Prod.Tower Beatz )

Epic CelticOriental Music, Nomade Celtique

Best oud cover, by ahmed alshaiba

هو صحيح الهوى غلاب، أم كلثوم

هو صحيح، ربى الجمال 

لماذا تخليت عني، ربى الجمال، قصيدة لنزار قباني

Yannie Tan plays the Cat Concerto, Tom and Jerry, Hungarian Rhapsody No.2 by Franz Liszt

افرح ياقلبي، ربى الجمال

مسرحية مجنون ليلى، وديع الصافي وربى الجمال 

صعبها بتصعب، ربى الجمال

عودت عيني، ربى الجمال

أودعك، ربى الجمال 

ياقلبي الغرام، ربى الجمال

أودعك، ربى الجمال