موسيقى الراي

موسيقى الراي

بالحلقة الخامسة من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك" رح نحكي عن موسيقى الراي.بيقولوا إذا بدنا نعرف...

نص الحلقة

مرحبا. أنا رنا داود وهيدا بودكاست دم تك.

بختة، صبيّة عشقها الشيخ عبد القادر الخالدي، كان بس يشوفها من بعيد، وينسحر فيها.

مرّت سنة كاملة، لقبلت تفتحله الشباك وشاف عيونها الوساع عن قرب. بس لمّا فتحتله، كأنه شقّ الفجر ونور طلع من السما.

مرّة تقاتل معها، وانحرق قلبهم التنين عالفراق... وقعدوا يستنوا مين رح يصالح التاني أول. ست شهور بتمرّ، لا هو حكى، ولا هي حكت. بتقوم بختة وبتقرر تروح للشيخ الخالدي على وهران مطرح ما ساكن. ولما وصلت على محطة القطار بوهران، شافها واحد من هناك وعرفها. 

بيروح هالشب طيّارة عند الشيخ الخالدي عَ القهوة، وبيوشوشه: "بختة بوهران يا شيخ".

طلع يشوفها، لاقاها قاعدة هيك معبية مطرحها، راسها عالي، ورقبتها طويلة، بيقول كل هيبته ما عاد إلها معنى من كتر ما بختة قد حالها. وكانت جميلة كتير. بيقول عنها "صافية والوجه مراية".

نحن عرفنا القصة اللي حكتلنا اياها كاتبة هالحلقة لما رباح، لأنه الشيخ الخالدي كتب في حبّ بختة قصيدة، 196 بيت. وعاشت القصيدة سنين، وغناها أهم ٣ موسيقيين بوهران: أحمد صابر، وبلاوي الهواري، وأحمد وهبي، وبالأجيال الي بعدهم غنوها نجوم الراي الشاب حَسني، والشاب خالد.

مرحبا فيكم بالحلقة الخامسة من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك". أنا رنا داود. بهالموسم بنستعرض أنواع موسيقى مثل المهرجانات والروك والراب، وبنروي قصص عن وجودها بالوطن العربي، وعن الفنانين اللي تبنوها من منطقتنا. وهالحلقة رح تحكي عن موسيقى الراي.

بيقولوا إذا بدنا نعرف تاريخ الراي لازم نشوف الخريطة من تاوريرت لوهران، مرورًا بوجدة وبِلعَبّاس... يعني سواقة شي خمس ساعات بالسيارة، لنقطع الحدود من المغرب للجزائر. هالحدود اللي ما كانت أصلًا موجودة وقت اللي بدأ الراي. 

بس التحدّي اللي قررنا ناخده اليوم هو إنّه نصطحبكم معنا بهالرحلة من تاوريت لوهران، ...بس بنصّ ساعة. 

صحيح إنه أغنية بختة وراها قصة حبّ، بس مش بالضرورة أغاني الراي يكون إلها قصة. الراي بالأساس هو أبيات غنائية مش مرتبطة ببعضها. وبيسموه فناني الراي "زِرّيعة" لأنه كل بيت كأنه زَرْعة جديدة.

بدأ الراي من الشعر الملحون، يعني الشعر الي باللهجة الدارجة في شمال افريقيا، والي كان بالغالب بدوي، وفيه لمحات صوفية.

شعراء الملحون كانوا ينتقلوا بين المدن والأسواق الشعبية ويقولوا القصائد والمدائح النبوية مع عزف على القصبة، آلة نفخية بتشبه الناي. ومع الوقت طلع من هالشعر موسيقى، وبهالموسيقى الناس تسلطن على قولة: "ها رايي"، كبديل عن قولة "يا ليل يا عين" المشرقية.

فناني الراي كلهم كان اسمهم شيوخ، وكانت الأفراح هي مسرحهم الأكبر. ولمّا نقول عرس بالجزائر، بالخمسينيّات، يعني عم نحكي عن ٧ أيام احتفالات، وموسيقى لكل العيلة، كل ليلة.

الشيخ الصنهاجي، أحد فناني الراي بالخمسينيات وبعدها، عم بيحكي للجزيرة الوثائقيّة عن أوّل مرّة غنّى فيها على المسرح بعد سنين من الغناء بالأفراح.

قبل ما يطلع من الكواليس ويشوف الجمهور، كان عم يرتعش من الخوف، حتى إنه الموظف الي كان رح يفتح الستار شدّ بإيده على ركبة الصنهاجي ليشجعه.

بيطلع الشيخ عَلى مسرح Verdure، وبيتفاجأ إنه الجمهور على المدرّج قدامه كلّه نساء، وما بيسمعهن إلا عم يزغردوا أول ما شافوه، لأنهم كانوا يعرفوا بالأعراس.

الشيخة ريميتي ما كانت خايفة هالقد من المسارح.

بعد ما غنّت فترة بالأعراس، راحت على مدينة مستغانم وصارت مغنية محترفة في ملاهي المدينة، وتكتب أغانيها الخاصة. حتى ببداية الخمسينيّات، وقّعت مع شركة Pathé Records، وأصدرت أول اسطوانة إلها.

كانت ريميتي تقول للصحفيين دائماً إنها لا بتعرف الورقة ولا القلم، كانت تحفظ الكلمات وترسمها بذاكرتها وتغنيها. 

ببداية مسيرتها الفنية، ما كانت أغانيها تطلع على الإذاعة الجزائرية، لأنه كان فيها كلمات بيعتبروها إباحية. هي غنّت أغاني ضد الاستعمار، وعن الحياة، والفقر، وكمان عن الجنس. مثلاً أغنية "هاك السِرّة هاك"، اللي تعتبر أول أغنية شبَقية/جنسيّة/إيروتيكية بدوية، هي من أشهر أغانيها.

وبعد ٣٠ سنة من أول اسطوانة لريميتي، صار أول مهرجان رسمي للراي. كان المهرجان بوهران سنة الـ١٩٨٥، إجا هالاعتراف الرسمي بفن الراي متأخر، بعد سنين كثيرة من القمع.

لمّا كان بالجزائر فيه حزب واحد، كان الراي ممنوع من الإذاعات ومن التلفزيون الرسمي، لأنه كان بيحكي باسم المجتمع لمّا يغني عن الظلم، وبيحكي عن الحبّ، والكحول والجنس… ومع هيك، كانوا الجزائريين عم يحملوا كاسيتات راي بجيابهم. رشيد طه قال لمجلة فرنسية إنه بواحد من أحياء وهران، كانوا الناس يستقبلوا شيوخ الراي بأنفسهم، ويساعدوهم يغيّروا غلاف الكاسيتات بصور عارضات أزياء، ويوزعوهم.

كلّ هالرقابة، قاوموها فنانين مثل ريميتي، وفرقة "راينا راي". هالفرقة اللي كانت أغانيها ممنوعة من البث، بس مع هيك قدرت تغيّر شكل الراي، لأنه دخّلت آلات موسيقية جديدة عليه، منها الإليكتريك غيتار.

بعد هيك، فناني الراي صار اسمهم شباب بدل شيوخ، يعني الشاب بلال، الشاب فوضيل... بس هاد ما كان الشي الوحيد الي تغير بالجزائر بالتسعينيات.

هذا الرئيس الجزائري محمد بو ضياف، سنة ١٩٩٢، عم يلقي خطاب قدام جمهور بمدينة عنّابة.

فجأة بيسمع صوت جنبه، بيلتفت، وبيسكت الجمهور. الصوت التاني اللي بيسمعه بعدها... بيكون صوت رصاصة.

بيتوقف البث، بتنقلب الكاميرا، وبيفضى المسرح.

اغتيال بوضياف مش الأول ولا الأخير بهديك الفترة. ببداية التسعينيات كانت الجزائر عم بتمرّ بمرحلة صعبة، زادت ديون الدولة، والأسعار، واشتدت أزمة السكن والبطالة. 

ولمّا أقرّ الدستور التعددية السياسية لأول مرّة من لمّا استقلت الجزائر، ظهر ٦٠ حزب سياسي بأواخر الثمانينيات، ومنهم الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

بالانتخابات التشريعية، حقق التيار الإسلامي نجاح كبير، بس الجيش الجزائري كان ضد صعود هالتيار الي بيعتبره تكفيري، فما وصلت الجبهة الإسلامية للحكم.

ووقتها بلّشت العشرية السوداء. عشر سنين من الحرب الدموية المسلّحة والمجازر.

ببداية العشرية السوداء، كانوا الناس يسمعوا أغاني راي لتنسيهم الهمّ، كثير كتابات من هديك الفترة بتقول إنه الموسيقى كانت الأمل الوحيد. مثل أغاني الشاب حَسني، الوهراني، ملك الأغنية العاطفية بالجزائر.

الشب حَسني بكم سنة بس، قدر يصدر ١٧٥ شريط كاسيت.  

الشاب حَسني شاب فقير من حي قمبيطة بوهران. مغني ولاعب كرة قدم. لمّا عمل حفلة بالـ٩٣، باستاد فوتوبول، إجا ٧٠ ألف جزائري يشوفوه بالعاصمة، ومرّوا عن حواجز الجماعات المسلحة. وما حدا ترك الاستاد ليلتها، لأنه كان فيه منع تجوّل.

الناس كانت عم تتصل ع الإذاعات تسأل عن شرايط الكاسيت لأغانيه، وتبعتله بريد معجبين على بيته.

بأواخر أيلول ١٩٩٤، بيكون حَسني عم بيحضر حاله لحفلة بباريس بعد أسبوع، بس ما بيوصل. بحارته بييجي رجال مجهولين مسلحين، وبيغتالوه. الناس ما صدقوا بالبداية إنه حسني مات. لأنه كان فيه قبل إشاعات عن موته، غنى عنها أغنية "قالوا حسني مات".

هالمرّة كانت حقيقة، مش إشاعة، وحقيقة كمان إنه تم اغتيال صديقه، ومنتج أغاني الراي، رشيد بابا أحمد بعد بسنة.

الشابة الزهوانية، والشابة فضيلة تلقوا تهديدات بالقتل كمان. الأوضاع بالجزائر دفعت فناني الراي إنهم يهاجروا، يعني إضافة لوهران وسيدي بلعباس، صاروا باريس ومارسيليا عواصم للراي. حتى الأغاني كان كتير منها عن الغربة والرجوع للبلاد.

الشاب خالد ما دخل الجزائر خلال كل سنين التسعينيات، لأنّه كان عم يتهرّب من الخدمة العسكرية.

كان وقتها عم بيتحول لنجم بأوروبا، وعم بيحوّل، هو وفنانين تانيين، أغاني الراي، لشي جديد، بألحان ريغي، وبلوز، وروك.

وقع خالد عقد مع شركة Universal الفرنسية، وعمل ألبوم مسمى على اسمه، "خالد"، ومن ضمنه أغنيته الشهيرة ديدي. وحدة من أشهر أغاني التسعينيات بالوطن العربي، متذكرينها؟

وتوزعت الأغنية بالعالم كله، الناس فاهمين الكلام ولا مش فاهمين، كانوا عم يغنّوا. حتى طلعت نسخة من ديدي بفيلم هندي.

سنة الـ١٩٩٨، بيلتقي الشاب خالد، الشاب فوضيل، ورشيد طه، وبيعملوا ألبوم مشترك تسجّلت أغانيه بحفلة حية بباريس، اسمه واحد، تنين، تلات شموس.

حضر الحفلة ١٦ ألف شخص. وغنّوا التلات شموس ساعة ونصف من أحسن أغانيهن، وأغاني جزائرية ثانية منها "عبد القادر".

عبد القادر هو واحد من الأولياء الصالحين، وكانت هالأغنية تراثية في مديح الولي. بيقول الشاب خالد بإحدى مقابلاته إنه بس أضاف للأغنية شوية فرح، وراي. فيه مصادر بتقول إنه فيه شاعر كتب هالأغنية بالسجن لمّا زاره الولي بالمنام.

رجع الشاب خالد على الجزائر سنة الـ٩٩، بأمر شخصي من الرئيس الجزائري بوتفليقة، وكان إله استقبال رسمي بالمطار، وصحفيين عم يستنوه.

فيه كتير مقالات بتحلل عودة الشاب خالد، والاعتراف الرسمي بموسيقى الراي، على إنهم طريقة السلطة لمعارضة التيار الإسلامي بالمجتمع الجزائري. وكمان لأنها السلطة فهمت إنه الراي قِدر يكبر ويوصل للجمهور بكل العالم بدون رعايتها، فقررت تحتضنه.

موسيقى متل الراي، بلشت كشعر بدوي، يغنّيه الراعي بالجبل وهو عم يعزف على القصبة، وتأثرت بعدها بتاريخ المنطقة، بالثقافة الأمازيغية والأفريقية والإسبانية، وكملت رغم الاستعمار الفرنسي.

يعني على أطراف حي قمبيطا، اللي عاش فيه الشاب حسني وانقتل، كان الخط الفاصل بين المستعمرات الفرنسية وأحياء العرب التقليدية.

بالمستعمرات، كانت تحاول فرنسا تفرض عمارة وثقافة أوروبية، وتهميشها لحي مثل قمبيطا طلع نعمة، لأنه سمح للمجتمع يلاقي صوته الخاص، ويطوّر الراي.

وحتى بعد الاستقلال، صمد الراي بوجه الرقابة، وبعدها بوجه التكفير، الأكيد إنه ما حدا بيقدر يوقف الموسيقى.

هالحلقة بحثًا وكتابةً للما رباح، تحرير وإنتاج صابرين طه، إخراج صوتي لتيسير قباني، ورويتلكم ياها أنا رنا داود. النشر والتوزيع تولّته مرام النبالي، وجنى قزّاز، وشارك بإنتاج هالموسم آية علي، ورمزي تسدل من فريق صوت.

هاي الحلقة خلصت، بس إذا عجبتكم، اسمعوا الحلقات السابقة عن الروك والمهرجانات وقصص تانية كمان. وتابعوا حلقات دم تك الجاي عبر مختلف تطبيقات البودكاست والموسيقى.



 

رصيد الأغاني بترتيب ظهورها:

موال راي موسيقى هادئة، منير (رابط)

بختة، الشاب خالد

أغنية البودكاست: لما بدا يتثنى، شيرين أبو خضر، دوزان

روحي يا وهران، الشاب خالد

عزف لآلة القصبة، تصوير سليم منصورية (رابط)

ها رايي، الشيخة الجنية (رابط)

هاك السرة هاك، الشيخة ريميتي

يا زينة، فرقة راينا راي

 Baïda mon amour, Cheb Hasni

قالو حسني مات، الشاب حسني

البابور، الشاب خالد

ديدي، الشاب خالد

Ladki Ladki, Vinod Rathod, SudeshBhonsle, from the movie Shreemaan Aashique

عبد القادر، غناء الشاب خالد، الشاب فاضل، رشيد طه

أنا وغزالي، الشيخة ريميتي