الجاز العربي

الجاز العربي

بالحلقة السادسة من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك" رح نحكي عن موسيقى الجاز.سافرت ألحان الجاز من...

نص الحلقة

حابّين نعرّفكن على بودكاست "دا ميري". هالبودكاست بينتجه طارق الميري، وهو مخرج أفلام وثائقيّة مقيم بلندن. البرنامج حواري، وبكل حلقة بيستضيف طارق شخص مختلف وبيستمع لتجاربه وخبراته. بيدخل بمواضيع حميمية وبيتناولها بصراحة. بيتساءل مثلا، عن مفهوم الهوية، وعن هالة الأمومة المقدّسة، والتعبير عن الذات، وأحيانًا بحلّل الوضع بليبيا.

بتقدروا تسمعوا Da Miri على أي تطبيق بودكاست بتفضّلوه.

مرحبا. أنا رنا داود وهيدا بودكاست دم تك.

يحيى خليل، شاب مصري بأوّل عمره، بيسمع موسيقى الجاز لأوّل مرّة على الإذاعة. بيذوب بحبّ هالموسيقى، وبيصير يسجّل البث على شرايط كاسيت، ليرجع يسمعها مرّة ومرّتين وثلاثة.

بيصير حلمه يعمل مثلها، فبيروح يتدرّب على الآلات الموسيقية بكنيسة قريبة، عند خوري اسمه أبونا عجمي، بمصر الجديدة.

رح نحكيلكم تتمّة القصة بعد شوي.

مرحبا فيكم بالحلقة السادسة من الموسم الثاني لبودكاست "دم تك". أنا رنا داود. بهالموسم بنستعرض أنواع موسيقى مثل المهرجانات والروك والراب، وبنروي قصص عن وجودها بالوطن العربي، وعن الفنانين اللي تبنوها من منطقتنا. وبهاي الحلقة رح نحكي عن موسيقى الجاز.

يحيى خليل واحد من رواد الجاز بالعالم العربي، أسس فرقة رباعي القاهرة للجاز سنة ١٩٥٧، لمَّا كان عمره ١٦ سنة بس. وسافر بعدها على أمريكا ليدرس الموسيقى، وآلات الإيقاع، وليختص بموسيقى الجاز ويجرّب يدمجها بالموسيقى العربية.

شارك بأعمال كتيرة مع فنانين بأميركا وأوروبا، ورجع على مصر سنة الـ٨٠… وتعرف بوقتها على محمد منير، الكينغ النوبي. وكوّنوا فرقة سوا مع عازفين مصريين.

من الألبومات الي اشتغلوا عليها سوا ألبوم "شبابيك"، الي بروفات أغانيه كانت بالكنيسة ذاتها، عند أبونا عجمي.

عَ الوجه الأول من كاسيت شبابيك، أول أغنية كانت "الليلة يا سمرا"، والأخيرة كريشندو.

كلّ ما صحفي يجرّب يكتب عن علاقة يحيى خليل بمحمد منير وخلافهم بعد سنين من العمل سوا، بيوقف عند سؤال، مين الي كان سبب نجاح الثاني؟

الأكيد إنه الثنين سوا كانوا خلطة سحريّة، جددت بالموسيقى المصرية وخلتها أقرب لجيل الشباب بالثمانينيات بعيداً عن تكرار آلام اللوعة والهجران والانتقام.

بواحدة من المقابلات مع يحيى خليل، بيذكر إنه سمع الجاز لأول مرة من الإذاعة الأمريكية Voice of America، وهيك بدأ حبه للجاز.

هاي الإذاعة هي طرف خيط بيقدر يفهّمنا كيف وصل الجاز من نيو أورلينز بأميركا، للقاهرة.

هاد يا سادة يا كرام، خلال الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، انقسم العالم نُصّين، والجهتين عم يتقاتلوا على كسب حلفاء بالعالم. خصوصاً بالدول الي كانت مستعمَرة، يعني نحنا. آسيا وأفريقيا.

كان وقتها فيه إذاعة بتبث البروباغاندا الأمريكية لدول العالم، والي هي ذاتها Voice of America. وعليها بينبث برنامج اسمه ساعة جاز Jazz Hour.

بيوصل رسايل للإذاعة الأمريكية، من الجمهور بالدول التانية، بيقولوا إنهم كتير حبوا هالنوع من الموسيقى. فهالتفصيل بيعطي الحكومة الأمريكية فكرة، إنه ليه ما نستخدم الجاز كطريقة لكسب ودّ هالشعوب، ونورجيهم قديش نحنا ديمقراطيين؟

الجاز بالتحديد مش بس مشان الجمهور حابّه. بس لأنه كانوا أغلب موسيقيي الجاز سود، وبهديك الفترة كانت أمريكا عم تحاول تغطي على عنصريتها ضد السود، خصوصاً إنه صارت الأخبار تطلع للعالم، وما عاد شي يتخبى من جرائم العنصرية.

فشو بتقرر الحكومة الأمريكية تعمل لتحسّن صورتها بالعالم؟ إنه تنظم جولات لفناني الجاز بالعالم، تحت مسمى "سفراء الجاز"، وسفراء الجاز بيصيروا سلاح فعّال بالحرب الباردة.

من هالسفراء لويس أرمسترونغ، واحد من أيقونات الجاز بالعالم. لقيناله صورة من الستينيات بالقاهرة، بيكون ماسك فيها هالترومبيت قدام الأهرامات، وزوجته قاعدة جنب أبو الهول عم تتسمّع عالموسيقى.

كان لأرمسترونغ أكتر من زيارة لمصر. بالـ٦١، فيه رواية بتحكي إنه أرمسترونغ وقف قدام ٢٠ مراسل ليعمل مقابلة صحفية. قام بيسأله صحفي منهم: هل تدعم الصهيونية؟

قالهم أرمسترونغ: شو هي يابا؟ “What is that Daddy?”

المهم، ما فهم السؤال، وتركهم بحيرتهم، وراح.

كانت الصحف المصرية عم تتداول أقاويل إنه أرمسترونغ زعيم شبكة جاسوسية إسرائيلية.

هلا بغضّ النظر عن حسّ المؤامرة، كان معهم حق بشي واحد، إنه جولات أرمسترونغ الفنية ما كانت بريئة ولا يعني ورديَّة والزلمة عم يوزع أزهار وجاز.

وبما إنّه هلا متفقين إنه الحياة مش ورديَّة، ونحنا هون لنحكي عن الجاز العربي، شو رأيكم نسافر بالزمن لسنة النكسة؟ 

الموسيقي المصري صلاح رجب تعلّم العزف على آلات الإيقاع بأميركا بالستينيات، ولمّا رجع على مصر متحمس بده يعمل موسيقى… صارت النكسة. كان صلاح رجب قائد لفرقة دبابات بالـ٦٧. شاع خبر إنه انقتل بالحرب… بس مثل كثير أخبار بالنكسة، هالخبر مش صحيح. بيكون تايه في صحراء سيناء، وبيوصل رجب على بيته شي نهار بعد مشي أيام وليالي.

بعد سنة واحدة، سنة الـ٦٨، بيتعيّن رئيس لقسم الموسيقى العسكرية في الجيش المصري، واللي بيعني إنه فيه تحت قيادته آلاف الموسيقيين. بيقوم بيختار من هالآلاف ٢٥ شخص، ليأسس فرقة "جاز القاهرة".

واحدة من مقطوعات فرقة جاز القاهرة هي "رمضان في الفضاء"، مقطوعة بتوظف إيقاع المسحراتي مع الموسيقى.

وبعد حرب العاشر من رمضان، حرب أكتوبر بالـ٧٣، تفككت فرقة جاز القاهرة، وتقاعد صلاح رجب من الجيش المصري... بس ما تقاعد من الموسيقى. كان رجب جزء من جولات وأعمال موسيقية مع فرقة "صن رع"، الي أسسها المؤلف الموسيقي الأمريكي، والفيلسوف صن رع، الي كان من أهم موسيقيي الجاز بالتاريخ.

هاي مقطوعة أهداها صلاح رجب لصن رَع سنة ٢٠٠٦.

بالسودان، ما وصل الجاز بالإذاعة، ولا بزيارات سفراء الجاز، وصل بالأفلام الأمريكيَّة. عثمان أَلَمو، العضو بفرقة البوليس الموسيقية، وشرطي بالسجون السودانيَّة، كان بيشوف هالأفلام. 

كان أَلَمو بيعزف على الكلارينت، الساكسفون، الطرمبون، الكونترباص. وعلى عكس الموسيقيين غيره، كان بيقدر يحصل على هالآلات من أصدقاؤه العازفين بالقوات المسلحة السودانية.

بأي محاولة لتأريخ الجاز بالسودان، بيظهر اسم عثمان ألمو، وجنبه أحمد شرحبيل، الي ألهموا فرق وموسيقيين سودانيين ليتعرفوا على الجاز بالستينيات والسبعينيات، ويدمجوه بموسيقى المنطقة، مثل فرقة بلوستارز، والدِيوم، وأضواء بحري.

كان دايماً فيه نقاش بالصحافة السودانية، إنه فيه جاز خالص بالسودان؟ هل منقدر مثلاً نقارنه بالجاز الي ظهر لأول مرّة بنيو أورلينز؟

فيه موسيقيين بيقولوا إنه لا. كل الفرق الي عزفت ألحان الجاز، كانت تدمجه بأساليب تانية من الموسيقى، وإيقاعات أفريقية مختلفة، بس لتعمل "موسيقى معاصرة"، بالزبط مثل ما توجهت الفرق للروك والبلوز. كانوا الموسيقيين عندهم موهبة وفضول يجربوا أنواع هالموسيقى، وكان فيه حاجة لهالتجربة، لأنه كانت غالباً الفرق الإنجليزية هي الي تقدم عروض بالفنادق والنوادي بعد الاستعمار، وكانت تكلفتها عالية كتير.

من هالموسيقيين الي جرّبوا التجديد أربع شباب، أسسوا فرقة العقارب. العقارب مشان الخنافس، البيتلز، حققوا نجاح بالعالم كله. فحبّوا يجربوا حظ العقارب.

فرقة العقارب تأسست سنة الـ٦١، وقت الي كانت الناس بالسودان تروح تشوف التلفزيون، أبيض وأسود، بالحدائق العامة، ويكون فيه عسكري عم يحرسه… قبل ما يقدروا الناس يشتروا تلفزيونات لبيوتهم.

ظهرت فرقة العقارب أكثر من مرّة عالتلفزيون، وصارت تعرض بالفنادق والسهرات. ما كان سهل إنه تأسس فرقة جاز بهداك الوقت بالسودان. خصوصاً إنه الآلات ما كانت متوفرة.

عامر ساكس، عازف الساكسفون بفرقة العقارب، عمل الكونترباص والدرامز للفرقة بنفسه، بياخد صورة لللآلة الموسيقية، وبيطلع بوشّه على المنطقة الصناعيَّة وبيعمل متله. حتى الساكسفون الي عزف عليه عامر ساكس اشتروه مستعمل.

ما كملت تجربة الجاز بالسودان بنفس الزخم بالثمانينيات وبعدها، خصوصاً سنة الـ٨٣، لمّا أعلنت الحكومة عن تطبيق الشريعة الإسلامية بالبلاد. فسكّرت كثير من الفنادق أبوابها، وانمنعت الحفلات… بيقول الفنان السوداني صلاح براون إنه هالشي أثّر على الفِرَق الموسيقية، فبعض الموسيقيين هاجروا، أو انضموا للإذاعة، وبعضهن الآخر حوّل اتجاهه لنوع موسيقى ثاني.

ننتقل للبنان… لنسمع مقطوعة "أبو علي" للموسيقي اللبناني، زياد الرحباني.

زياد الرحباني واحد من الموسيقيين الي قدروا يوصّلوا موسيقى الجاز لجمهور كبير، عبر مقطوعاته، ومسرحياته، وأعماله مع الفنانة فيروز، الي كمان بتكون والدته. فيكم تسمعوا أكثر عن فيروز والرحابنة بحلقة من الموسم الأول لبودكاست دُم تك اسمها "حرب فيروز الأهلية". المهم، من المسرحيات الي اشتغلها زياد الرحباني "بالنسبة لبكرا شو".

بهالمسرحية، إلي عُرضت لأول مرة سنة ١٩٧٨، كان توفيق فروخ بيشتغل مع زياد، كعازف ساكسفون. وكمان سجّل معه مقطوعة "أبو علي" الي سمعنا جزء منها، وسافر فروخ مع فيروز بجولتها في أميركا بالـ٨٢.

بيوصف فروخ هديك الفترة إنها كانت استكشاف لهويته الموسيقية، وبيقول إنه تعلم كثير من فيروز وزياد. انتقل لفرنسا بعدها، ومن وقتها لليوم، ألّف مقطوعات مميزة، خلّته يصير موسيقي عالمي بمجال الجاز.

بإحدى المقابلات، سألت المذيعة فرّوخ إذا هو عم بيحافظ على الطابع الشرقي بالجاز.

هذا التصنيف بين شرقي وغربي كان محل للنقاش بكل أنواع الموسيقى الي حكينا عنها. بيقول زياد الرحباني بواحدة من مقابلاته، إنه أصلاً ما فيه جاز شرقي، وجاز غربي، وجاز شيشاني. فيه جاز، وبس، نقطة.

لأنه الجاز إله الحق يمرّ بكل الحضارات، بما إنه خلطة منهم كلهم. وبمحل تاني، بيقول إنه الجاز الشرقي متل الهامبرغر الي طعمه فلافل، والموسيقى لازم تتطوّر لتناسب العصر، وإنه السيارات آخرتها تستبدل الحمير، وتشبيهات من هالنوع.

مش مهم برغر ولا فلافل… المهم، إنه نتذكر الطعم الأصلي للجاز، يعني مزج الموسيقى الي كانوا يغنوها الأفارقة المُستعبدين وهم عم يشتغلوا بالحقول بأمريكا، مع الألحان الكاريبيَّة الي حمّلتها عبّارات وسفن جاي على مدينة نيو أورلينز، اختلطت مع تراتيل الكنيسة المعمدانية والبلوز… هالمزج الي خلق موسيقى الجاز بالأصل… وبعدين قلّدوه الأمريكان البيض، واستغلوا احتكارهم للإنتاج الموسيقي، لدرجة إنه أول اسطوانة تسجلت لموسيقى الجاز كانت لفرقة من خمس رجال بيض. وما انتهى احتكار الإنتاج تماماً.

على هالسيرة، فيه نقاش موجود عن مهرجانات الجاز بالعالم العربي، بما إنه بالسنين الأخيرة، ظهرت كتير من هالمهرجانات، مثل مهرجان طنجة جاز، ومهرجاز، ومهرجان دبي الدولي، ومهرجان القاهرة، وغيرهم… النقاش كان حول عدد الموسيقيين السود القليل الي عم يندعوا للمهرجانات… قديش هذا الشي عم يبين روح الجاز الحقيقية؟ وكيف الموسيقى لمّا تسافر بتقدر تضلها حاملة صوت الي ابتكروها؟

هالحلقة بحثًا وكتابةً للما رباح، تحرير وإنتاج صابرين طه، إخراج صوتي لتيسير قباني، ورويتلكم ياها أنا رنا داود. النشر والتوزيع تولّته مرام النبالي، وجنى قزّاز، وشارك بإنتاج هالموسم فريق صوت.

 

 

قصّة، فَرقت ع نوطة

أغنية البودكاست: لما بدا يتثنى، شيرين أبو خضر، دوزان

من غير عنوان، يحيى خليل

كريشندو، محمد منير، ألبوم شبابيك

يا زمانى، محمد منير، البوم شبابيك

What a wonderful world, Louis Armstrong

موسيقى مسلسل رأفت الهجان

La vie en rose, Louis Armstrong

Ramadan In Space Time, Salah Ragab and the Cairo Jazz Band

A Tribute to Sun Ra

معبد الاحزان، عثمان ألمو

يا أملي و نور عيني، فرقة جاز العقارب 

أبو علي، زياد الرحباني

مقطع من مسرحية بالنسبة لبكرا شو، زياد الرحباني

Yellow Bird, Toufic Farroukh, Villes Invisibles album

I Will Be Your God, New Orleans Street Gospel Singers

Driva Man, Max Roach and Abbey Lincoln