Almostajad | المُستجَد

عطلة الأسبوع من برلين

في هذه الحلقة من بودكاست «المُستجَد»، تزور عبير قبطي بيت أصدقائها في برلين. تأخذنا معها لنمشي في...

نص الحلقة

صرلنا ٣ أسابيع ما زرنا أصدقاء في بيوتهم، ما طلعنا على أي فعالية اجتماعية.

 

صحيح التواصل الطبيعي صار محدود في عشرات الدول حوالين العالم، بس اليوم قررت آخدكم بزيارة قصيرة لبيت صديق، لنحكي خلالها عن مخاوفه الكبيرة والصغيرة.

مرحبا

 

أنا عبير قبطي وهاي حلقة جديدة من بودكاست المستجَدّ من صوت.

 

اليوم 25 آذار/مارس 2020. حلقتنا بنسجّلها في ألمانيا. الأخبار هون بتقول إنّه الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا تجاوزت ال37 ألف إصابة. والوفيات أكتر من 200، مقابل حوالي 3500 متعافي من الإصابة. على الأقلّ لوقت تسجيل الحلقة.

 

شوارع برلين هادية وكئيبة، بيوم المفروض بتطلع الناس فيه بتتسوق، وبتلتقي ببعضها. قدامي 15 دقيقة مشي من بيتي لبيت صديقي رائد؛ فرصة أحكيلكم شو بشوف خلالها.

 

"يعني أنا شايفة عدد كتير قليل من الناس...

عدّيت على ملعب أطفال(...) مسكّرين الملعب(…) حاطّين إعلان إنه ملاعب الأطفال مغلقة بسبب الكورونا(…) من ١٦/٣/٢٠٢٠…

كلشي عم بعدّي عليه من قهاوي ومطاعم مسكّر، هاي في شخصين بيحكوا مع بعض بس بعاد عن بعض…

 

في هدوء مريب…"

"لأول مرة من ٣ أسابيع راح أزور بيت أصدقاء…

فعليّ مسؤولية كمان، لو أنا عندي الفيروس، ما أنقللهن إياه، فعقّمت كل إشي أخدته معاي، تلفون، مايك، حملت آآآ أقلّ ما يمكن آآآ من حاجيات معاي…

الفكرة كمان إنه الواحد لمّا بروح مشي، مش مضطر يتعامل مع مواصلات، فهو كمان بشكّل أقلّ خطر، وكمان بيحمي حاله".

"أنا تقريباً وصلت…

طبعاً هلأ معضلة الضرب على جرس الباب بالكوع…

(صوت كبسة ثمّ صوت جرس) ضرب".

"هاي صباح الخير، مرحبا صباح الخير، تفضّلي (صوت فكّ قفل باب العمارة)...

(صوت كعب طالع عالدرج)

 

تفادياً لمعركة الأزرار والكوع، اضطريت أترك الأصانصير، وأطلع الدرج أربع طوابق.

"الضيف: هاي، عبير: صباح الخير، كيفك؟ الضيف: بالكوع ولا بالإجر؟، عبير: بالإجر هاهاها، حلوة بالإجر هاهاها، الضيف: بس بخربط الواحد بضلوا يرقص حوالين حاله. عبير: هاها".

رائد عمره ٤٣ سنة، عايش بألمانيا من ٢٥ سنة. هو وزوجته لينا وابنه تيم، بشكّلوا مع بعض أسرة فلسطينية صغيرة عايشة بهاد البلد الأوروبي.

 

بهاي الزيارة الخاطفة ببيتهم بحرص على اتّخاذ تدابير السلامة على قدّ ما بقدر.

"طب أنا حترك أغراضي عالباب، عشان ما أعمللكو أيّ قلق، الضيف: براحتك...

 

بحاول أترك مسافة بيني وبين رائد وتيم، وبخلي الميكرفون بيناتنا.

 

"أهلاً تيتو كيفك؟…

تيتو: منيح. عبير: تمام؟ تيتو: آه…

 

عبير: من إيمتى فش مدرسة؟ تيتو: يعني هاي الأسبوع وكمان أسبوعين، يعني تلت أسابيع. عبير: ٣ أسابيع قاعد بالبيت، زهقت ولا بعدك؟ تيتو: زهقت شوي، مم. عبير: كيف بتقضّي وقتك طيب؟ الضيف: بحضر بقرأ ممم بلعب. 

 

تيتو عم بكمّل حصصه المدرسية عن بُعد، بتركه يكمّل نشاطاته اليومية بظلّ الحجر، وبسأل رائد عن تحضيراتهم للأيام الجاية.

"رائد: مافي بالبيت جوا البيت شي خاص كتير يعني حتى لما أنت فتي وعقمتي وهيكا, احنا بعدنا ما فتنا على هاد المود لسا. عبير: أوك. رائد: يمكن يصير لما يصير الاشي أقوى بس احنا بعدنا شوي ماخدينه إنه لأ. بنقعد بالبيت بس بنخلي شوي (تأتأة) طبيعية الحياة بالبيت(…) عبير: ما خزّنتوا أكل؟. رائد: لا يعني اشترينا المشتريات العادية الي بتكفينا أسبوع، 10 أيام يعني كيف ما بنعمل كل أسبوع مش أكتر ولا أقل، (تأتأة) ورق التواليت بصراحة رحت مرتين تلات لانه كان خالص عنا فكان لازم نشتريه، فاضطريت أروح أكتر من مرة يعني ومبارح بالصدفة لقيته بمحل صغير حتى مش بسوبر ماركيت وبـ4 أضعاف السعر وهيك بس يعني مضطر (تأتأة) بس الان عنا كل شي خلص (ضحك).

عبير: ورق التواليت موجود. رائد: ورق التواليت موجود. كل شي موجود (ضحك). عبير: كل شي تمام. 

رائد: أنا بتصور موضوع هاد ورق التواليت يعني بعد ما تخلص الأزمة بتصور في أجيال كاملة من الأكاديميين مش رح تعمل أبحاث في ال(تأتأة) العدالة الاجتماعية وهيك, رح تبحث أنه ليش ورق التواليت؟ ليش بالذات ورق التواليت الي صار هيك؟ رح يكون في دراسات ممتعة جدا عن الموضوع (ضحك).

اللي بقوله رائد مش مبالغة، أزمة ورق التواليت ظهرت بكتير دول، والمختصين في علوم النفس والسلوك والاقتصاد كتبوا عنها. الطلب عليه كان هائل، وأسعاره ارتفعت كتير.

 

بألمانيا، استدعى الموضوع إنشاء موقع إلكتروني اسمه blitzrechner، بيطلب عدد لفائف الورق المتوفّرة مع عدد اللفائف المستهلكة يومياً، وبيعطيك عدد الأيام اللي مش راح تحتاج فيها شراء المزيد من ورق التواليت. الموضوع وصل لهاي الدرجة. 

 

رغم هيك، رائد لسّاته عم براقب التطورات.

"عبير: لحدّ هلأ بعدك مش ماخد الموضوع جدّ، أو يمكن ماخده بس مش عم تعمل إشي عشان تترجم الشعور بجدّية الموضوع. رائد: شوفي أنا أنا بالنسبالي الإشي اللي كتير مثير للاهتمام…

"يعني أنا عندي ٣ أشكال مختلفة من البيئات الاجتماعية اللي بتعامل معها…

في من ناحية الفئة الشرق أوسطية المتديّنة…

اللي عندها تصوّر غيبي للأشياء، آآ من ناحية تانية عندي الماضي اليساري تبعي، مع الشيوعيين وهيك، واليوم أنا مدير في شركة اللي مسؤول عن ٨٠٠ شخص، ولازم أتعامل مع الموضوع من ناحية اقتصادية، والغريب في الموضوع، إنه كل واحد عايش في عالم من هدول التلاتة…

بتلاحظي إنه كل واحد بياخد المعلومات اللي بده ياها، وبيبني فقاعة لحاله، وبضلّه فيها…

عبير: انت وين؟

رائد: أنا أنا بصراحة، بس بهاي الأزمة أنا براغماتي جداً، يعني شو الإشي الموجود، شو الأرقام؟ شو الاحتماليات الموجودة؟…

شو بقدر أحضّر يوم، يومين، تلاتة، أسبوع، وبعد هيكا بنشوف".

 

بالنسبة لمغترب، القلق ما بيقتصر على مكان الإقامة. 

رائد من غزة، وبعد تسجيل هاي المقابلة، تأكّد وجود إصابتين بكورونا هناك.

الحصار اللي بيفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من 14 سنة تقريباً تسبّب بعجز هائل في النظام الصحي، وهاد كافي لمضاعفة القلق.

"عبير: انت أهلك في غزة صح؟

رائد: صحيح

عبير: عم تتواصل معهم؟

رائد: عم بتواصل معهم كالعادة يعني، مش أكتر ولا أقل...

بس الخوف طبعاً هناك أكتر، لإنه البنية التحتية الصحية، لو صار في حالات كوفيد، معناها راح يكون كارثي يعني...

عبير: طب في عندك قلق؟

رائد: آه في قلق، في قلق من ناحيتين، من ناحية انه في شي مرحلة من المراحل، هكون بعرف ناس من اللي بيتضرروا صحياً من الموضوع، كبار في العمر .. ناس مرضى اللي راح يكون الوضع خطير عليهم، وراح ييجي هذا الشيء…

آآ وقلقان من النتائج الاقتصادية للموضوع"

بنتقل بالحديث مع رائد من غزة، لاستقراره الوظيفي في المرحلة الحالية.

رائد بيشتغل في شركة متخصصة بالتجارة الإلكترونية. بسأله عن نظرته لمستقبل العمل.

 

"رائد: الخوف كبير جداً من التأثير طويل المدى عالموضوع، يعني حتى الآن الموضوع ماشي شوي لأن الناس قعدت بالبيت صارت تطلب أونلاين اكتر، فبالنسبة للبيزنس اليوم مش متأثر كتير.

 

بس طبعاً إذا صار خطر، والناس خافت أو الناس بطلت أو مش آمنة على مرتباتها، هيكون في شراء اقل وكلنا راح نتأثر."

الحكي عن المستقبل، بقودنا لنقاش أكبر غير التداعيات الاقتصادية، وعم بتعبّر عنه أصوات عدّة في ظلّ تفشّي فيروس كورونا ومحاولة الدول السيطرة عليه بأيّ طريقة.

 

"رائد: كان في جريدة ساخرة ألمانية عم بتقول إنه الألمان ميتين تيصير إن عندهم حظر تجول، لأن كان في مطالبات قوية بحظر التجول بألمانيا.

عبير: ههههه صح.

رائد: يعني بطريقة اممم، أنا عن جد استغربتها يعني، ان الناس طول عمرها بتسب عالحكومة، وطول عمرها بتقول ان الحكومة مش ماسكة البلد، أو انه عم بتقنن الحريات أو مش بتخلينا تعمل شيء. 

بس لما صارت الأزمة، بدل ما نفكر انه أوكي انه نشيل إيدنا، يعني إذا احنا واعيين كفاية، وقعدنا في بيوتنا مفيش حاجة لحظر تجول صح؟ 

عبير: صح.

رائد: بس ما حدا عم بيناشد التانيين، الكل عم بيناشد الحكومة إنه افرضي علينا حظر تجول، يعني شيء تشيزوفرني شوي.

عبير: yeah.

رائد: صح؟ ومن ضمنهم ناس يعني المفروض انهم مسيسين وواعيين وكذا، اللي اللي بيتهاونوا كتير بالموضوع انه شو يعني الدولة تفرض حظر التجول؟ ما هذا إشي ممكن يصيرله تبعات كتير كتير كبيرة يعني. 

يعني كتير كتير كبيرة دستورياً وقانونياً والحكومة اللي بيطلعلها تحكم الناس بشكل شمولي، ممكن يكون عندها إشكالية ترجع للنظام الديمقراطي أو الغير شمولي اللي كانت فيه…

 

صحيح هاد النقاش بنبّهنا لدور السلطات في بعض الدول العربية اللي مرّت بأزمات خلال السنوات الماضية.

وزي ما حكينا، في أصوات مختلفة بتعبّر عن موقفها من دعوة القوة العسكرية لفرض التجوّل، بدل الشعور بأنّه دافع المواطنين الشخصي، كافي لالتزامهم بيوتهم.

رائد هون بعبّر عن تخوّفاته الشخصية، كشاب تعلّم واشتغل ببلد، يوصف نظام الحكم فيها، إنه ديمقراطي.

 

عبير: بس أنا سؤالي، هلقد الديمقراطية في أوروبا هشّة، لدرجة إنه حظر تجول لمرة وحدة… رائد: لأ، مش هشّة بمعنى إنه راح تكون موجودة أو راح تكون منهارة، الديمقراطية عبارة عن طيف…

مش راح، مش راح تـ تـ تسقط الديمقراطية بشكل عام. لكن في عندنا إشارات كتيرة انه مثلاً، ..

 

بيصير الخوف إنه يصير شيء طبيعي ان الجيش يتدخل. يعني يصير في تساهل في التشريع في البرلمان أو في شيء لدخول الجيش لأنه في أكثر من حالة. 

 

هاي هاي في حد ذاتها يعني إشكالية، مش معناها سقوط الديمقراطية بس معناها اتغيرت الديمقراطية، لأن ممكن تدخل الجيش في أي لحظة". 

 

"عبير: خلينا نرجع انتو كعيلة هلأ.

رائد: ممم

عبير: أكيد الواحد كتير بفكر بأشياء، لإنه في كتير مجهول، صح؟ هاي مشكلة المرحلة، في كتير مجهول، شو أولوياتك؟…

 

رائد: اممم، الصحة، أكبر أولوية حالياً، آآآآآ، إنّه ما نفوتش بـpanic أو ما نفوتش بهلع، حالة هلع يعني أو هستيريا، اااممم، إنه نضلنا مع بعض بالمعنى مش بس جسدياً مع بعض، إنما كمان آآآآآ من ناحية تعامل وفكرياً وما نبعدش عن بعض…

 

ونكون قريبين كمان مع جيراننا، حتى لو بعيدين عنهم جسدياً، إنه عنا مثلاً جيران كبار بالعمر، بالعمارة، ٩٦ و٩٢، فبنحكي معهم إزا بدنا نجيبلكم إشي من السوبرماركت، نحطلكم ياه قدام البيت، إزا في كزا، عشان يكون في حسّ إنه احنا، ففف، مع بعض بهاي الشغلة يعني... 

 

المشكلة الواحد لما ينعزل إنه إنه، بتصير فكرته عن اللي حواليه بتصير تجريدية نوعاً ما، وبتصير أكتر وأكتر تجريدية بشكل مرضي…

 

فالتواصل مع الناس، بشكل جدّي، آآآ إنه مش بس كيف حالك، لأ، شو بنقدر نعمل؟ شو ممكن أجيبلك؟ شو ممكن تجيبلي؟ كيف بدي أساعدك؟ كتير مريح نفسياً وصحياً يعني…

 

عبير: بس شو الإشي اللي شايفه حتمي بالمرحلة الجاي؟

 

رائد: هو أنا حسب شفت التعامل الناس سواءً على المستوى المحلى أو المستوى العالمي مع الأحداث.

كتير فكرت بشغلات ممكن يكون حتمية، ما كانت نهائياً فأنا بطلت اآمن بشيء حتمي يعني، كل شيء مفتوح وكل شيء ممكن يصير أو ما يصير. 

 

عبير: بننهي هون رائد.

رائد: yeah

عبير: إنه ما في شي حتمي، هاهاها

رائد: هاهاها

عبير: شكراً كتير إلك رائد.

رائد: ولا يهمّك

بودّع أسرة رائد ولينا الصغيرة، اللي يمكن ما اجتمع فيهم بالفترة القادمة لدواعي السلامة، خصوصاً إنه بعد بيوم من زيارتي، فرضت ألمانيا قيود أكبر على الحركة والتجوّل. صار ممنوع التجمع لأكثر من شخصين إلا إذا كانوا عايشين في نفس المنزل، والخروج من البيت مسموح فقط في حالات محددة؛ إما للعمل في قطاعات محدّدة، أو شراء المستلزمات المعيشية أو الأدوية، أو بحالة الناس حبّت تمشي في الهواء الطلق أو ممارسة الرياضة. 

 

بهاي الحلقة من بودكاست المستجدّ، حاولنا ننقلكم أفكار ومخاوف شاب عربي، مقيم في دولة بتتصدّر القائمة العالمية من حيث عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا أو كوفيد 19.

 

بالحلقات الجاية بنقدّملكم معلومات، وقصص وتجارب من أماكن مختلفة، مع هاد الظرف الاستثنائي اللي بنمرّ فيه جميعاً.

 

بودكاست "المستجد" من إنتاج صوت، كنا معكم في التقديم عبير قبطي، إعداد وتحرير محمود الخواجة ولمى رباح، وفي الهندسة الصوتية تيسير قباني.   

 

كونوا بخير وعافية