Almostajad | المُستجَد

المزارعات المغربيّات في زمن الحجر

تعاني عاملات زراعيات في جنوب المغرب من عنف اقتصادي واجتماعي، بات مركّباً منذ بدء أزمة فيروس كورونا؛...

نص الحلقة

أحياناً، لمّا بنشوف المزارع الخضرا الممتدّة في أيّ مكان، بنبلّش نتخيل الحياة الهادية اللي بينعم فيها المزارعين والمزارعات أيام العمل.

الرحلة الصباحية من البيت للحقل معقول تكون رحلة ممتعة، بعيداً عن حياة المدن والتجمّعات السكانية.

ولكن شو لو كانت الرحلة للحقول والعمل فيها عبارة عن جحيم يومي، بتضاعفه أزمة كورونا؟

عم تسمعوا بودكاست المستجدّ، وأنا عبير قبطي.

هاي الحلقة أُنتجت بدعم من مركز بوليتزر.

اليوم بنزور المغرب، وتحديداً المزارع الممتدّة في مقاطعة سوس ماسّة جنوباً.

المكان اللي وُثّقت فيه شهادات لعاملات زراعيات بيعانوا من انتهاكات اقتصادية واجتماعية وجنسية، عم تتفاقم مع وصول فيروس كورونا للمغرب.

 

"حنا كنتعرضو لخطر بزاف في الفيرمة، بزاف بزاف بزاف"

"فالحجر الصحي بصراحة لقينا واحد الصعوبة بزاف، علاش احنايا جلسنا وما عندناش منين غادي نجيبو المصروف"

"دابا في هاد الجائحة ديال الكورونا، أنا عندي جوج بنيّات، خايفة عليهم لا يمرضوا ليّا، ما نعرفش دابا كيفاش غادي نعيّشهم".

 

ابتسام، شيماء وأسماء، تلت سيّدات من أعمار مختلفة، هنّ جزء من مجموعة أكبر من العاملات الزراعيات المغربيات، اللي إمّا بيشتغلوا في ظروف غير صحية، أو توقّفوا عن العمل بسبب أزمة كورونا.

 

جُمعت شهاداتهم المكتوبة والمسموعة بفضل حملة مجموعة شابات من أجل الديمقراطية. اللي أُطلقت في شهر آذار/ مارس الماضي تحت مسمّى "يودا" بمعنى "كفى" في اللغة الأمازيغية. 

 

"حسب الشهادات التي تلقتها مجموعة شابات من اجل الديموقراطية اغلبية هذه العاملات الزراعيات هن معيلات لاسرهن و لعائلاتهن الكبيرة الصغيرة"

 

سارة سوجار، صحفية مغربية، وجزء من الحملة الحقوقية، وثقت المعاناة المركّبة اللي بتمرّ فيها المزارعات المغربيّات في زمن الحجر الصحي. 

 

"كانت هذه الحملة موجهه للعاملات خصوصا بجنوب المغرب بجهة "سوس ماسة" هذه الجهه من اهم المناطق الفلاحية في المغرب حيث تستقطب يد عامله كثيرة باعتبار تواجد الكثير من الحقول الزراعية والفلاحية ومن بين هذه اليد العاملة اغلبيتها تتشكل من النساء.

هن قادمات من هوامش المدن الصناعية والادارية، ايضا من القرى ياتين بحثا عن قوت اليوم...

تعيش العاملات الزراعيات ظروف قاسية في السياق العادي بين ظروف العمل وشروط عمل غير كريمة دون حماية، ساعات عمل كثيرة، حوادث شغل دون الحديث عن العنف وعن أنواع التحرش وعن تهديدات وخطر الطريق الى اماكن الشغل.

معاناة المزارعات بتبدأ من البيت، لموقف السيارات، لظروف وسائل نقل وحمولتها الزائدة، وأخيراً للمَزارع والاستغلال من بعض أصحاب العمل الفاسدين.

"بعض الخطرات كنخرجوا مع الـ4، خصّك الـ5 تكوني تامّة في الموقف، كيتعرضوا ليك الشفّارة، كيتعرضوا ليك بالضرب، معرّضين للخطر وصافي…. الخ".

ابتسام، مزارعة أربعينية، بتقول في شهادتها إنّه المزارعات بيطلعوا الساعة أربعة الصبح من بيوتهم ليوصلوا موقف السيارات بحدود الساعة خمسة، وهناك بتتعرّض بعضهن لمخاطر السرقات وغيرها، بدون أي حماية. 

"البيكوب اللي كتكون عامرة، مكدّسة، كتبغي تقلب بينا بالطريق… إلخ"

 

سيارات البيك أب اللي بتنقلهم للمزارع غالباً بتكون مكدّسة بالعاملات، وفي شهاداتهم بيذكروا الحوادث المتكرّرة اللي وقعت في السابق وراح فيها ضحايا من زميلاتهم المزارعات.

 

هذا عدا عن الانتهاكات الجنسية اللي بيتعرضولها إما في الطريق أو في المَزارع نفسها.

"في وقت كتمشي لداك المجال، اللي راه كيكون في العنف، كيكون فيه الاغتصاب، شحال من مرة أنا تعرضت للاغتصاب وسط الخدمة… الخ"

عائشة، وعمرها 18 سنة، بتقول في شهادتها إنها تعرّضت للاغتصاب خلال العمل، بعدما اضطرّت للعمل الزراعي لمساندة أسرتها الفقيرة.

"هذه النساء تجد في صعوبة في التعبير عن العنف الذي تعرضت له. خصوصا من طرف الوسطاء يعني هناك وسطاء ما بينها وبين المشغل هؤولاء الوسطاء هم من يضمنون لهن هذا الشغل. نحس دائما ان هناك خوف لدى هذه الفئة من انها ستتعرض للموت وانها ستتعرض للخطر ستتعرض للسرقة ستتعرض للاغتصاب ستتعرض للتحرش وهي ليست آمنه وهذه احساس خصوصا لاعتبارات اساسية اولا للكثير من القصص اللواتي عايشنهن مع زميلاتهن."

فقدان العاملات للأمان الشخصي بيلتقي مع فقدان الأمان الاقتصادي. 

"ليس لديهن تعويض على حوادث الشغل، رغم ان نوعيات العمل احيانا تجعلهن امام خطر التعرض للكثير من الحوادث. إذاً لا يستفدن من التعويضات الاجتماعية اثناء المرض اثناء حوادث الشغل  رغم الوضعية المزرية لهم والتي يحتجن دعم الدولة ودعم ايضا المشغل بالنسبة للأجور يوجد ما بين 50 درهم و 75 درهم، وهذا 50 درهم و75 درهم هي فقط اليوم يعني حوالي 5 اورو 7 اورو وهو اجر جد هزيل يعني باعتبار ان اغلبية العاملات الزراعيات هن معيلات لأسر. هذه الظروف الاكيد انها زادت قساوة مع الحجر الصحي"

 

المسؤولية عن عائلة وأطفال بتشكّل الهاجس الأهمّ لدى المزارعات، واليوم مع أزمة فيروس كورونا، أوضاعهم الاجتماعية عم تتدهور، إمّا لأنّهم توقّفوا عن العمل بدون أي تعويضات، أو ما زالوا مستمرّات بالعمل في ظروف تفتقد للتدابير الوقائية الأساسية.

بحديثنا مع سارة، بنبدأ بالسيدات اللي رجعوا لبيوتهم:

"في العودة الى المنازل اصطدموا بعنف منزلي، وكأن الرجال متواجدين في الاسر لم يقبلوا عودة هؤلاء النساء خصوصا وانهن دون مدخول فزادت حدة العنف، وزادت حدة معاناة هذه الفئة هذه ع الاكيد حسب الشهادات وحسب البحث الذي قمنا به والاكيد ان المستور والمسكوت عنه هو واقعنا اكثر قساوة للاسف"

الحملة بتشوف إنّه بالإضافة إلى التعامل مع الصحة العامة كأولويّة في ظلّ الظرف الحالي، من المهمّ جداً حماية النساء من العنف لضمان حجر صحّي آمن.

الدولة في المغرب، أنشأت صندوق تدبير أزمة كورونا، اللي استفاد منّه في المقام الأول: المواطنين المسجّلين في الضمان الاجتماعي، أو حاملي بطاقات نظام المساعدات الصحية المعروفة ببطاقات Ra-med، أو معيلي الأسر المحتاجة.

لكن الكثير من العاملات الزراعيات وجدوا أنفسهم خارج كل هاي التصنيفات:

"للاسف الكثير من العاملات الزراعيات لم يجدن انفسهن ولا في صنف، اغلبيتهن ان لم نقل كلهن لا يتوفرن ع الضمان الاجتماعي، ثانيا اغلبيتهن ايضا ليس لديهن بطاقة راميد اي ان حتى في الايام العادية هن لا يستفدن من الكثير من العلاجات ومن والخروج للخدمات الصحية.

ثالثا لا يمكن لهن ان يثبتن انهن المعيلات للعائلة، يعني اغلبية الاسر اللواتي ينتمين اليهن يوجد اب يوجد عم يوجد الى غير ذلك، وليس لديهن ما يثبت انهن هنه معيلات العائلة اذا وجدنا نفسهن دون تعويض ودون مدخول، اذا هناك شهادات جد صادمة هو الكثير منهن عدنا لمنازلهن يعني دون مدخول لم يجدن بما يدفعن به اجور المنازل التي يكتريهن."

بالحديث عن العاملات اللي بقيوا في  عملهم، بتأكد الشهادات تنصّل أرباب العمل من مسؤوليتهم تجاه الظروف الصحية اللي بتعمل المزارعات فيها: 

"لا يوفر رب العمل اية حماية لهذه العاملات الزراعيات الى هذه الحقول خصوصا المتطلبات الخاصة بفترة الحجر الصحي اي الكمامات المعقمات الى غير ذلك وهذا بناء الكثير من الشهادات اكدت ذلك والتي تحدثت فقط عما تستطيع هذه العاملات توفيره بصفة شخصية، اي هي التي تشتري هذه اللوازم. 

الاكيد هناك ازدحام دائما في مواصلات النقل وهذا في السياق العادي الان ايضا استمرار للازدحام وسيلة نقل واحدة قد تحمل ازيد من اربعين امراة رغم صغر هذه المواصلات"

 

"كنتمناو من الله سبحانه وتعالى يدير شي خير، وكنتمناو من المحسنين يسمعونا ويديروا بحسابنا"

"المطالبات ديالي اللي بغيت، أنه تتوفر لينا فرص شغل تكون مزيانة، وتكون اللي مأمنة على حياتنا، مش بحال هاد الشي"

بينما بتشارك المزارعات المغربيات أمنياتهم بفرص عمل آمنة وكريمة، بتستمرّ حملة "يودا" عبر منصات التواصل الاجتماعية بمطالبة  السلطات والحقوقيين وأصحاب العمل، بحماية العاملات وإنصافهم.

 

"المطالب بخلاصة المسألة الاولى هو ضرورة توفير شروط عمل لائقة بالنسبة للعاملات الزراعيات وهنا ياتي دور مفتشي الشغل ودور ايضا الدولة في إجبار عفوا ارباب العمل بضرورة ان يقوموا بعقود عمل بالنسبة لهذ الفئة.

مسالة ثانية يجب ضمان وتفير الحماية الاجتماعية لانها مهمة جدا ضمان ايضا ظروف عمل وخصوصا من ناحية الحماية، يعني الحماية داخل أماكن العمل من الاخطار ومن التهديد الذي داخل اماكن العمل ع ضمان الاكيد تعويضات عن حوادث الشغل.

مسالة اخرى مراقبة السلطات لوسائل النقل التي تنقل هذه العاملات خصوصا في ما يخص العدد وفي ما يخص الظروف النقل مسالة اخرى هي ايضا في اطار الحجر الصحي هو اخذ العاملات الزراعيات وضعيتهن الخاصة جدا في كل برامج وفي كل انواع الدعم التي قامت بها الدولة المغربية وفي كل الاجراءات أيضاً من اجل الضمان لهن حجر صحي وحجر امن وحجر كريم خصوصاً."

 

وصول فيروس كورونا شكّل فرصة لتسليط الضوء على وحدة من الفئات المهمّشة في المجتمع المغربي.

فئة بتقدّم الكثير للقطاع الزراعي في المغرب، ولكن بتحصد القليل جداً من ثماره.

وبالنسبة للناشطة سارة سوجار وزميلاتها في الحملة، فرحلة المطالبة بحقوق العاملات المسلوبة راح تستمرّ أشهر طويلة.

 

بودكاست المستجدّ من إنتاج صوت.

كنا معكم في الإعداد والتقديم عبير قبطي، في الكتابة محمود الخواجا، ساهم في الإعداد روان نخلة، وفي المونتاج تيسير قباني.

تذكروا تشتركوا في قناة بودكاست المستجد على أي منصة بودكاست بتفضلوها، لتوصلكم تنبيهات بالحلقات الجديدة.

كونوا بخير وعافية.